تحويل القيم إلى قيمة value exchange
كتب: عثمان ميرغني
تصور لو كانت في هناك في الشارع ماكينات تشبه آلات صرف العملة ATM تتولى صرف القِيَم إلى قيمة مالية.. تدخل في الماكينة موقف كنت صادقاً فيه فتقدر الماكينة قِيمة “الصِدِق” الذي مارسته وتمنحك مقابله بالعملة النقدية.
أو تدخل في الماكينة موقفاً من الشهامة، فتتحول قيم الشهامة الى قيمة مادية تصرفها وانت سعيد بها.. أو الإحسان، أن تتقن عملك لو كانت طالبا أو موظفا أو عاملا أو معلما أو طبيبا أو مهندسا أو أي عمل آخر فتمنحك الماكينة القيمة نقدا بما يوازي ما ممارسته من قيم “الإحسان” او النزاهة او الأمانة او غيرها..
ودعنا نُسمى هذه العملية، تحويل القيم إلى قيم، أي تحويل القيم الأخلاقية إلى قيمة مادية..
هل تتصور كيف يصبح سلوك المجتمع؟
ستجد صفوفاً من المنتظرين امام ماكينة الصرف، صرف القيم الأخلاقية قيمة مادية، ينتظرون الحصول على الاموال جزءاً ما مارسوه من صدق واحسان ونزاهة وعدل و احترام للكبير و حب للصغير.
وستكون النتيجة الاجمالية مجتمع يفيض بالممارسة الرشيدة، ينتهي الكذب تماماً، بل يصبح عارا، لأن من فرط ممارسة المجتمع للصدق لم يعد هناك كاذب الا الحقير الذي لا يقدر “قيمة” الصدق المادية اولا ثم المعنوية والاخلاقية ثانيا.
لن يلقي أحد ورقة في الشارع، ولن يرفع راكب صوته وهو يتحدث في الموبايل في حافلة عامة كسبا لقيمة احترام حق الغير في الاماكن العامة، ولن ولن .. ستوقف المجتمع عن كثير من السلوك السالب ويتسابق في اكتساب السلوك الايجابي.
عندما تتقدم سيدة عجوزنظرها ضعيف لعبورالشارع ستجد الشباب يتسابقون لمساعدتها، أما التلاميذ الصغار عند خروجهم آخر اليوم من المدرسة سيجدوا من ينتظرونهم لمساعدتهم على عبور الشارع أو ركوب حافلات المدرسة..
خلاصة القول لابد من تحويل القيم الأخلاقية إلى قيم مادية يحس الإنسان بعائدها عليه مباشرة.. عندها تصبح الفضيلة فضيلة والرزيلة رزيلة بامر المجتمع لا بحكم القانون وحده..
ستصبح القيم الأخلاقية السمحة رصيدا في بنك البلد، (يُرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).