تكتل سياسي سوداني جديد يولد في القاهرة : مقدمة لحلول ام تعميق للأزمة؟

0 97

تقدير موقف: مركز تقدم للسياسات
وحدة الشئون الأفريقية

تقديم :

بمبادرة مصرية عقدت عدد من القوي السياسية السودانية ورشة حول معضلات الأزمة السياسية خلال الفترة من 2-7 فبراير 2023، شارك في الورشة منظومات تحالف قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية وأحزاب وجماعات محسوبة على النظام السابق ، عددها 35 حزباً وحركة , وسط مقاطعة كاملة من قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي الموقعة على الاتفاق الإطاري مع العسكريين برعاية الالية الثلاثية ( البعثة الأممية , الايغاد , الاتحاد الأفريقي ) واللجنة الرباعية المكونة من السعودية والإمارات ،أمريكا والمملكة المتحدة.

أعلن البيان الختامي للورشة عن تشكيل تنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية كجسم جامع لكل الكتل والمكونات المشاركة في اجتماع القاهرة, وعن وثيقة التوافق السياسي والوثيقة الوطنية الحاكمة للفترة الانتقالية .
إعتمدت الورشة الوثيقة الدستورية الموقعة فى أغسطس 2019 والمعدلة عام 2020 التي كانت أساس الشراكة بين العسكريين وقوي الحرية والتغيير بعد سقوط حكم البشير مع إجراء بعض التعديلات كمرجعية للحكم فيما تبقى من الفترة الإنتقالية.

التعديلات والأفكار الجديدة في الوثيقة :
– تم حذف قوى إعلان الحرية والتغيير الشريكة الرئيسية للجيش بعد سقوط البشير ، واستعيض عنها ، بشركاء جدد من “القوى السياسية والمدنية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة وأطراف العملية السلمية الموقعة على التعديلات” ، واستبدال مسمى مجلس السيادة بالسُّلطة السيادية.
– ذكرت الوثيقة أن هياكل الحكم تتكون من مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي، على أن تكون مستويات الحكم اتحادي وإقليمي وولائي.
– نصت على تشكيل مجلس السيادة من سبعة أشخاص يتم تسميتهم من القوى الموقعة على تعديلات الوثيقة الدستورية، ليمارس ضمن مهام أخرى: السُّلطة السيادية، تمثيل الدولة في المحافل الإقليمية والدولية، اعتماد رئيس الوزراء والوزراء وحكام الأقاليم والولايات ورئيس القضاء ونوابه وأعضاء المحكمة الدستورية.
– تحدثت الوثيقة عن بدء فترة انتقالية جديدة مدتها 30 شهرًا، تبدأ من تاريخ التوقيع على تعديلات الوثيقة الدستورية, وفي فقرة أخرى قالت تبدأ من إعلان تسمية رئيس الوزراء.
– وقررت القوى المشاركة في ورشة القاهرة تكوين هيئة تأسيسية من 100 عضو، يختارهم الموقعون على الإعلان السياسي ويختاروا تبعا لذلك رئيس الوزراء وإجازة ترشيحات الوزراء واختيار ولاة الولايات وقيادات الدولة العليا علاوة على تشكيل المجلس التشريعي.
– وفقًا للوثيقة، يتم تشكيل المجلس التشريعي من 300 عضوًا، ومجلس الوزراء من 25 وزيرا.
– قررت الوثيقة دمج قوات الدعم السريع والقوات الأخرى في الجيش ، كما قررت حل المليشيات وتجريدها من السلاح وتحويل شركات الجيش عدا المتعلقة بمجال عمله إلى وزارة المالية.
– رفضت الوثيقة التي توصلت إليها ورشة القاهرة تسمية ما حدث في 25 أكتوبر انقلابا، وقالت إنه إجراءات نتيجة للانقسامات داخل الحرية والتغيير وفشل حكومة الانتقال في تنفيذ تعهداتها للجماهير ولشركاء السلام

استنتاجات :
1- وثيقة القاهرة اعلان رسمي عن رفض رؤية الالية الرباعية والثلاثية حول عملية الانتقال والحل السياسي المتمثلة في الاتفاق الإطاري التي تعيد قيادة الجيش وحلفاء القاهرة التاريخيين (الاتحاديين) الى مركز العملية السياسية.
2- وثيقة القاهرة المعدلة ومن قبلها مقترح الكتلة الديمقراطية تساوي بين قوات الدعم السريع والحركات المسلحة وتنص على الدمج المباشر لها في إطار القوات المسلحة ولا تعترف بها كقوة نظامية منفصلة ، وتنسحب هذه الترتيبات علي مشاركتها في سلطة الحكم وفي أجهزة السلطة الانتقالية ( التنفيذية والتشريعية ) الأمر الذي ينهي وجود الدعم السريع كقوة مستقلة ، بينما نجد الدعم السريع في الاتفاق الإطاري يتبع رأس الدولة في الدولة المدنية مثلما كان في زمن البشير حيث كان يتبع للقصر الجمهوري بينما في إعلان القاهرة تصبح تحت قيادة القائد العام للجيش.
3- الإتفاق الإطاري الموقع مع الحرية والتغيير – المجلس المركزي يعتبر الدعم السريع من القوات النظامية ووضعيته مختلفة عن الحركات المسلحة، ودمجه داخل الجيش لن يتم إلا بعد إصلاحات ومراجعات وفق وضعية سياسية معينة للأجهزة والقوى المنشأة للهياكل الانتقالية والتي سيكون الدعم السريع جزءا أساسيا منها. اعلان القاهرة يشكل برأي العديد من المراقبين استجابة للضغوط الامريكية والغربية، التي تطلب رأس قوات الدعم السريع وقائده حميدتي , ويعكس طبيعة الصراع الإقليمي والدولي وتضارب رؤي المحاور وتبايناتها حول مستقبل العملية السياسية إلى جانب تحويل السودان ساحة لخلافاتهم . استهداف الدعم السريع الذي يوصف في المصادر الغربية باعتباره حصان طروادة للروس في أفريقيا، يكشف ان ما جرى في القاهرة ليس أكثر من سيناريو إقليمي دولي لاخراج مجموعة فاغنر من المنطقة.
4- ورشة القاهرة اعلان مواز لـ تكتل سياسي جديد, تحت دعم وإشراف إقليمي وبمباركة من قادة الجيش السوداني وأطراف النظام القديم المدنية والعسكرية , تهدف إلى تشكيل واقع سياسي جديد يتجاوز الاتفاق الإطاري ويجرد قوات الدعم السريع من نفوذها وتأثيرها ، ويتجاوز دورها في الثورة وقائدها محمد حمدان -حميدتي- في تأمين البلاد من مخاطر الحرب الأهلية .
5- ينظر الى هذا الإعلان أنه يعمق الانقسام الداخلي ويؤطر لقوتين رئيستين تتنازعان السلطة لكل منهما وثيقة دستورية وسند إقليمي وحماية عسكرية ,وهو الأمر الذي أعاد والمعارك الإعلامية بين الجيش والدعم السريع وجعلت نذر المواجهة المسلحة تعود من جديد , ويبقي على دور أساسي المبعوثين الدوليين في إيجاد حل توفيقي يسمح باستعادة العملية الانتقالية ونزع فتيل الازمة بين أطراف السلطة العسكرية .
6- في الساعات التي تلت إعلان القاهرة وولادة الإطار الجديد تحدث كل من الفريق عبد الفتاح البرهان والكباشي في لقاءات جماهيرية في ولاية نهر النيل وجنوب كردفان لأول مرة وفي العلن ضرورة دمج قوات الدعم السريع في الجيش وإنهاء وضعية الجيشين وأنهم لن يسلموا السلطة لقلة ومجموعات سياسية لا تمثل كل البلاد في اشارة واضحة لتحالف الحرية والتغيير – المجلس المركزي وتنصل قيادة الجيش المبكر من الاتفاق الإطاري والتمهيد لمخرجات ورشة القاهرة.
7- تتخوف العديد من الأطراف من ان التوتر بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع وصولا الى الاشتباك المسلح، من شأنه استدعاء تدخل قوات فاغنر الروسية، لتأمين الدعم العسكري والتقني لقوات الحليف حميدتي ، وذلك من قواعدها في الجنوب الغربي لدارفور على الحدود السودانية مع افريقيا الوسطى وفي ليبيا ، وهو ما يتيح لقوات الدعم السريع خطوط إمداد وأرض معركة آمنة خصوصًا في المثلث الحدودي الغربي مستفيدين من علاقتهم الوثيقة بالمعارضات التشادية المعارضة وامتدادات القبائل العربية الدارفورية في دول الجوار.
8- فيما لا يمكن استبعاد سيناريو آخر وهو أن ما حدث في إعلان القاهرة وولادة الكتلة الديمقراطية، مناورة لخلق وضع تفاوضي بمشاركة أطراف عديدة للضغط على حميدتي ودفعه لتقديم تنازلات جوهرية وسحب قواته من العاصمة، أو مواجهته عبر تحالفات (القاهرة الخرطوم وانجمينا ) وجهود أمريكا وحلفائها .
9- ينظر الى هذا الإعلان انه يعمق الانقسام الداخلي ويؤطر لقوتين رئيستين تتنازعان السلطة لكل منهما وثيقة دستورية وسند إقليمي وحماية عسكرية, وهو الامر الذي أعاد والمعارك الإعلامية بين الجيش والدعم السريع وجعلت نذر المواجهة المسلحة تعود من جديد , ويبقي على دور دائم للمبعوثين الدوليين للسودان في إيجاد حل توفيقي يسمح باستعادة العملية الانتقالية ونزع فتيل الازمة بين أطراف السلطة العسكرية .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.