مزيرة سبيل يارب!
كتب: فايز الشيخ السليك
.
يواظب احد المعاشيين على المرور يومياً على عمارته التي يمتلكها؛ باحثاً عن أي مشكلة صغيرة في شقق المبنى التي كان يؤجرها لعدد من السكان.
يأتي يومياً فيثير مشاجرة بسبب عطل مولد الكهرباء، او يبدي تضجراً من الاستخدام الكثير للمياه، او يحذر من ترك الباب الخارجي مفتوحاً، او يشير إلى كثرة الضيوف، ويعتبر ذلك يؤثر سلباً على المبنى وعلى حماماته، هكذا صارت للرجل المعاشي صولات وجولات، فإن لم يجد ثغرةً يتسلل بها، افتعل مشكلةً من العدم.
اثارت تصرفاته غضب السكان من جهة، مثلما زادت معدل قلق اهل بيته عليه.
عهدة القصة على صديقي بكري الجاك، الذي قال إن للرجل ابن يشتغل بالمحاماة؛ فقرر الابن القلق ايجاد حل لأزمة والده، فرفع شكوى ضد السكان باخلاء العمارة فكسبها.
عاد إلى الى البيت ويكاد يطير من الفرح، وبعد ان تناول وجبة الغداء نقل الخبر ( السعيد) لوالده.. قال بكل فخر :
_ يا أبوي خلاص لقيت ليك حل، لقد كسبنا القضية، واصدر القاضي حكماً باخلاء العمارة فورا.
على عكس ما كان متوقعاً أرعد الرجل وازبد، وامسى مثل مرجلٍ يغلي ، كاد ان يضرب ابنه المحامي، لكنه تراجع ثم انكفأ حزيناً، ولما سئل عن السبب قال.. ( طيب يا ولدي انا تاني اشتغل شنو؟.).
وأنا اقول؛ هكذا طبع الذين صارت لهم السياسة ( مهنةً) ومصدر رزق ونمط حياة سيظل الوطن هو الكرسي، فكلما اقترب البعض منه بدوا في غاية السعادة؛ ومن اجل ذلك مستعدون على فعل كل شيئ، و في المقابل؛ كلما ابتعدوا عن الكرسي خطوات، شعروا ان الوطن بات أمام خطرٍ عظيم.
تابعوا ذلك في تصريحاتهم، وفي تهافتهك، وفي شخصنة الخلافات، و في شح النفوس.
ساعدونا في البحث عن ( مزيرة) للساسة المعاشيين؛ من لدن الفلول، والمتواليين، والسلعلع، وحتى آر سياسي، لم يشتغل مهنةً غير السياسة.
ضعوا وراء المزيرة كرسي قماش، وامامها نجيل، وامنحوهم خراطيش طويلة لملئ الازيار، وسقي النجيل حتى يرتاح الشعب من ازعاجهم.