تقدير موقف، وحدة الشؤون الافريقية، مركز تقدم للسياسات
مقدمة:
أجازت قيادات أطراف اتفاق جوبا لسلام السودان مصفوفة تنفيذ اتفاقية السلام المحدثة توطئة للتوقيع عليها في احتفال رسمي يوم الأحد 19 فبراير بحضور الرئيس سلفا كير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان والفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بجمهورية السودان.
وكانت ورشة لتقييم تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان قد انعقدت في الفترة من 12 – 18 فبراير الجاري بمبادرة من الرئيس سلفا كير وتحت إشراف مستشاره للشؤون الأمنية الفريق توت قلواك؛ وشارك في أعمال الورشة كبار المفاوضين من جانب حكومة السودان وأطراف العملية السلمية، حركات الكفاح المسلح وممثلي المسارات الجهوية، وبحضور الضامنين والشهود على اتفاق جوبا للسلام من الأطراف الإقليمية والدولية..
وأشار بيان صادر من الوساطة في ختام الورشة إلى أن الورشة هدفت إلى تقييم تنفيذ الاتفاق والوقوف على أوجه القصور التي صاحبت تنفيذه وتذليل العقبات وإنشاء آليات المتابعة والمراقبة والتقييم لضمان التنفيذ بالكفاءة المطلوبة وإرساء دعائم السلام والاستقرار في السودان.
تحليل: بفعل أزمات عملية الانتقال السياسي في السودان , صارت اتفاقية جوبا للسلام إحدى أوراق ، المناورة السياسية الفاعلة في المشهد , بدلا من ان تكون واحدة من اليات تحقيق الاستقرار بالبلاد وذلك لتورط اطراف الاتفاقية من الحركات المسلحة وممثلي المسارات في الصراع السياسي حول امتيازات السلطة في السودان بين أعضاء النادي السياسي القديم والعسكريين , لتصبح القوي الرئيسية الموقعة علي اتفاق جوبا ، وتحديدا ( حركتي مناوي و جبريل ) القيادة الفعلية لتحالف قوي الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية , المعارض الرئيسي للاتفاق الاطاري الموقع من المكون العسكري وتحالف قوي الحرية والتغيير – المجلس المركزي الذي يعتبر الممثل السياسي لثورة ديسمبر التي أسقطت نظام البشير , والذي يتكون أيضا من أطراف الحركات المسلحة الرئيسية الأخرى الموقعة علي اتفاق جوبا ( الطاهر حجر , الهادي إدريس ) ويحظي بدعم الالية الثلاثية واللجنة الرباعية بوصفهم الراعيين الرسميين للاتفاق الإطاري ..
مخاطر غياب حميدتي عن جوبا:
بهذا المعنى، جاءت ورشة جوبا لتقييم السلام كرد فعل لورشة الخرطوم حول سلام جوبا المكملة للاتفاق الاطاري والتي كانت تحت رعاية الالية الثلاثية ( البعثة الأممية ,الايغاد ,الاتحاد الافريقي ) ووسط مقاطعة كاملة من أطراف الكتلة الديمقراطية الذين يجدون الدعم الكامل من القاهرة ذات التحفظات الواضحة على أطراف الاتفاق الاطاري المدنية والعسكرية ( الدعم السريع ) . موقف دولة جنوب السودان المنظمة للورشة يتعلق بمصالحها التي تتطلب حضورها مع الفاعليين الإقليميين والدوليين في الشأن السوداني بحكم رعايتها للاتفاق وجوارها وعلاقاتها التاريخية وإمكانية تأثيرها علي الحركات المسلحة.
يلاحظ الغياب المتعمد لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي صاحب الدور الحاسم في توقيع اتفاق سلام جوبا , هذا الغياب مؤشر لتدهور علاقاته مع حلفائه السابقين ( مناوي وجبريل ) الذين صاروا في خندق واحد مع عناصر النظام السابق وبدعم من جنرالات الجيش والدولة المصرية , هذا الغياب سيؤثر في خطوات تنفيذ الاتفاقية وذلك للحضور السياسي والأمني والاقتصادي القوي لقائد الدعم السريع في السودان و دارفور موضع الاتفاق .
خلاصة:
نتائج ورشة تقييم اتفاقية جوبا لسلام السودان السياسية ستضر بالعملية السلمية وخطوات الانتقال , على الرغم من أنها وضعت مصفوفة تحدد الجداول الزمنية لتنفيذ الاتفاق الي جانب تشكيل اليات مراقبة , فانها قسمت الأطراف المسلحة الموقعة علي سلام دارفور و عمقت من الانقسام الوطني داخل المكون السياسي ( المجلس المركزي ضد الكتلة الديمقراطية ) وباعدت بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع وأضعفت مجهودات الالية الثلاثية والرباعية ومساعيها للحل السياسي , لتبقي الازمة السودانية عصية علي الحل بفضل تقاطع الاجندات الإقليمية والدولية وتطاحن قواه السياسية والعسكرية حول السلطة .