مصداقية الدولة…

0 84

كتب: ذوالنون سليمان 

.

الحرب خدعة ، والحرب النفسية إحدي أسلحتها ، والإعلام الحربي أحد عناصر نجاحها ، هذا معلوم ، ولكنه أيضًا يدور في صياغات منطقية ، وبنسب معقولة من المصداقية تحول دون بلوغه مرحلة الإعلام الكاذب ، الذي يجردها من المصداقية لدرجة التشكيك في مشروعيتها وأهدافها.

هذا للأسف ما يحدث الان في الحرب بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم ويضعنا جميعًا أمام تحدي يتجاوز كارثة الحرب الآنية الي كوارث المستقبل المجهول للحرب المفروضة علينا ، من خلال تصور سيناريوهات نهايتها ويطرح السؤال المهم ،

متي ستكون نهايتها ؟.

لنفترض جدلًا ، أن الدعم السريع -وفق وصف الجيش والخبراء الامنيين والإسلاميين والوطنيين – أنه مليشيات قبلية وقوات غير نظامية ، هذا الوصف سيعفيه من المسؤلية الإعلامية في إدارة حربه وتضع علي عاتق قواتنا المسلحة السودانية عبئً إدارة المعركة الإعلامية والتحكم القيادي في إدارة المعركة بما يحقق أهدافها وبأقل الخسائر التي لا تتصادم مع واجبها في حماية ألشعب.

الثورة الرقمية فرضت واقع جديد صارت فيه المعلومة غير محتكرة للجيوش وأجهزتها السرية ، خاصةً في حالة الحرب ، قادة الجيش محتاجة أن تعرف أن المعركة ليست في احراش الجنوب أو جبال النوبة أو في وديان دارفور ، أنها في قلب الخرطوم وفي أوج عصر التقنية التي يمكن صاحب أي حساب في الفيسبوك أو التويتر أو الواتساب أن يعلم من الذي يسيطر علي القيادة أو المطار أو التلفزيون أو القصر ، بدرجة كم الدقة تكفي لتحديد عدد المركبات أو الأفراد في الشارع المعين وفي الزمن المحدد.

هذه الحالة ، حالة انهيار المصداقية ،نتائجها الكارثية علي المواطن والوطن كبيرة ، فالمواطن سيلجأ للحل الفردي في التعاطي مع واقع الحرب دون وجود إدارة قومية لها مما سيزيد من اثارها الانسانية ، والخطير سيكون عاجز عن تصورات نهايتها ، وسيجعل الجيش معزول في حربه بعيدًا عن شعبه ، وسيضع المصداقية الدولة في موضع الشك.

ماذا يصير لو قلت سقطت المدينة امام العدو وقواتكم الباسلة تقاتل الان من أجل استردادها ؟ستكون قد خسرت المدينة ولكنك كسبت الشعب الذي سيقاتل معك من أجل استرداد مدينته.

كارثية المشهد ، لا تتعلق بدرجات الحقيقة فقط ، ولكن بطبيعتها أيضًا ، وهي ما تجعلنا نتساءل ، عن تقديرات القيادة في ساعة بداية المعركة وتصوراتها لنهايتها ومقدرتها علي حسمها عسكريًا أو إنهائها سياسيًا ، لأن عدم المصداقية الإعلامية سيفتح الأبواب واسعة للتشكيك في كل ما هو رسمي ،وفي المقابل ، سيكون الأعلام الشعبي هو المسيط ، بما يعني غياب صوت الدولة بعد أن غابت خدماتها في الأمن والصحة والغذاء .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.