سُحُب الأكاذيب لا تحجب شمس الحقيقة

0 34

كتب: عمر الدقير

.

كما هو متوقع، فإن استمرار الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع يعني – فيما يعني من شرورٍ وبلايا – تطايُر شرارات انفجار العنف إلى مختلف ولايات السودان، خصوصاً ذات الهشاشة الأمنية .. وها هي المواجهة بين الطرفين، في مدينة الجنينة، تنزلق إلى مواجهات قبلية خلّفت وضعاً كارثياً لا يزال مستمراً بين الحرق والقتل والنهب وانقطاع الخدمات الأساسية .. والأنكى من ذلك إقحام أطفالٍ قُصّر في هذا النزاع المسلح.

لا ننحاز إلى غير مصلحة شعبنا، ولن تصرفنا الأكاذيب وخطاب التخوين عن واجبنا إزاء الدم المسفوح والمعاناة الانسانية التي يعيشها شعبنا، ولن تُزيغ بصرَنا وبصيرتنا عن مطالب ثورته بالتحول الديموقراطي والسلام والعدالة وكل شروط الحياة الكريمة، و لا مجال هنا لتردد أو مخاتلة .. تظل الأولوية عندنا الآن هي وقف الحرب الذميمة ومنع انتشار حريقها .. ندعو لتضامن جماهيري واسع لمناهضتها، وفي هذا السياق نحيي مبادرة لجان المقاومة بالحاج يوسف، وكل المستجيبين لها من القوى السياسية والنقابات وتنظيمات المهنيين والمجتمع المدني، لتكوين الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديموقراطية .. نناشد أهلنا في الجنينة، وكل السودان، أن يُقْبِلوا على رابطة الإخاء في الوطن ويُعْرِضوا عن دعاة الفتن والمتلذذين برائحة الدم .. ونتمسك بدعوتنا لقيادة القوات المسلحة والدعم السريع للوقف الفوري للحرب، وسنواصل السعي لإعلان وقف دائم لإطلاق النار والقصف الجوي وإخلاء الأحياء السكنية والمرافق العامة من الوجود العسكري، ومن ثم العودة للمسار السياسي السلمي لحسم القضايا المختلف عليها.

كان مطلبنا، ولا يزال، هو إنهاء حالة تعدد الجيوش – التي تسبب فيها النظام المباد – لصالح جيش وطني واحد لكل السودانيين، وذلك كان أهم البنود التي أثبتناها في الاتفاق الاطاري الذي أكد بوضوح على دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، ووقّعت عليه معنا قيادتا القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، ويعلم الجميع أن العملية السياسية، التي تأسست على الاتفاق الاطاري، جاءت تحت عنوان “إنهاء انقلاب ٢٥ أكتوبر، وعودة المؤسسة العسكرية للثكنات، واسترداد مسار التحول الديموقراطي عبر سلطة مدنية تمثل ثورة ديسمبر المجيدة وتباشر تنفيذ شعاراتها وصولاً لانتخابات عامة حرة ونزيهة” .. ومع كل ذلك لم يتورع قارعو طبول الحرب عن رَفْع أصواتهم بأن سبب الحرب هو الاتفاق الاطاري وتواطؤ الحرية والتغيير مع الدعم السريع على انقلاب !!

إن من ينشرون الزيف والأكاذيب وينفخون الكير لزيادة اشتعال نار الحرب إنما يحاولون إعادة عقارب الساعة للوراء بحيث نعود إلى المراوحة في مدارهم المظلم الكئيب .. ولكن هيهات، فإن سحب الزيف والأكاذيب لن تفلح في حجب شمس الحقيقة، وعقارب الساعة لن تعود للوراء والنصر حليف شعبنا وثورته والمستقبل لوطنٍ للسلام والبناء وزقزقة العصافير لا للحرب والخراب ونعيق الغربان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.