جرائم الحرب من دارفور الي الخرطوم
1
كانت الحريق الذي اندلع بعد حرب دارفور عام 2003 المقدمة ليشمل العاصمة الخرطوم ، ولتعود مدن دارفورمرة أخرى (نيالا، زالنجي، الجنينة، طويلة .الخ) مسرحا لابادة جماعية جديدة ونزوح الالاف، مع نذر خطر الحرب الأهلية بالدعوة لعدد من زعماء القبائل العربية في جنوب دارفور للوقوف مع الدعم السريع وحث ابنائهم للانضمام اليه ، ،في مواجهة دعوة البرهان الشباب لحمل السلاح لمواجهة الدعم السريع ، مما يؤدي لحرب قبلية وأثنية وعتصرية ، وهى دعوة في إطار الحشد من الطرفين بعد أن فشل الطرفان في حسم الحرب لصالح اي منهما ، وتؤدي لتمزيق وحدة البلاد ، مما يتطلب اليقظة والوعي من زعماء قبائل السودان وعقلائهم بالعمل على اطفاء هذه الحرب والفتنة التي تخدم مصالح القوي الخارجية الطامعة في نهب ثروات البلاد ، اضافة لجرائم الحرب وتدمير البنيات التحيتية والخدمات الأساسية ، . الخ.
حرب دارفور كانت نتاجا للسياسات الخرقاء التي انتهجها نظام الانقاذ منذ انقلاب الإسلامويين المشؤوم في 30 يونيو 1989 ،فعندما جاء الانقلاب كانت دارفور في ظروف ومتغيرات جديدة أدت لانفجار الأوضاع فيها اهمها:
– اتساع دائرة الجفاف والتصحر في دارفور ، مما ادي الي شح المراعي ، والي انفجار الصدامات القبلية من جديد.
– تدهور خدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء. الخ.
– تزايد عمليات النهب المسلح وانفراط عقد الأمن وحالات حرق القري والمزارع والصدام بين بعض المجموعات القبلية والفور والصراع بين المعاليا والرزيقات.
– كانت القبائل في دارفور تعيش في سلام ووئام ، وكانت الصراعات القبلية العابرة تحل عبر الاعراف ، وكانت ديار القبائل معروفة ومحددة. وبالتقسيم الاداري الجديد اختل النظام الذي كان سائدا، مما ادي الي الصدامات.
– توقف مشاريع التنمية في الاقليم مثل مشروع جبل مرة للتنمية الريفية.
– توقف العمل في طريق الانقاذ الغربي.
– النزوح الكبير من الارياف الي المدن ، وتوسع المدن كما نلاحظ في مدينة نيالا التي زاد عدد سكانها وتوسعت وارتفعت فيها ايجارات المنازل واسعار الاراضي.
2
جاء ملتقي الفاشر فبراير 2003 بعد انفجار الاحداث وتوصل الي توصيات وقرارات في مجملها سليمة مثل:
– الاسراع بتكميل طريق الانقاذ الغربي مع توفير تمويل اجنبي ومكون محلي له.
– انشاء مفوضية لتنمية ولايات دارفور.
– تأهيل مرافق الصحة والمياه وتأمين الحد الأدني من الخدمات للمواطنين في دارفور.
– وضع خطة استثنائية عاجلة لمعالجة التردي في الخدمات
– التقسيم العادل للمشاريع التحتية القومية لدارفور.
– ضعف المقدرة الادارية لبعض اجهزة الدولة وتباطؤها في التصدي للانفلات الامني.
– معالجة عدم الالتزام بتنفيذ مقررات المؤتمرات السابقة.
– حمّل الملتقي الحكومة مسئولية خلق كيانات ادارية جديدة والاستغلال السياسي للقبيلة والاعتماد علي التوازنات القبلية في التعيينات السياسية.
كما كان مدخل الملتقي سليما في حل المشكلة سلميا عن طريق التفاوض ، ولكن الحكومة لجأت للحل العسكري الذي عقد الامور وزادها تفاقما، بعد تكوين مليشيا الجنجويد ، وكانت النتيجة إبادة جماعية أدت لمقتل أكثر من 300 الف شخص ، ونزوح 2 مليون حسب الأمم المتحدة 2003 ، مما جعل الرئيس البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية حتي وصلت للماساة الانسانية التي نعيشها الآن في دارفور، فعدم حل المشكلة بالطرق السلمية وتنفيذ مقررات مؤتمر الفاشر أدي لتلك المأسأة الانسانية.، اضافة لعدم الحل الشامل باعتبار أن ما يجري في دارفور جزء من مشكلة السودان الكلية، ويجب أن ينظر اليها قوميا في اطار الحل السياسي الشامل ، وصولا الي سلام حقيقي وتنمية وعدالة لكل انحاء السودان.
3
مما زاد الطين بلة لم تنزع الحكومة سلاح الجنجويد ،حسب ماجاء في تقرير مجلس الأمن الذي أجاز في اجتماعه بتاريخ:28/2/2006م، تقرير لجنة الخبراء التي شكلها المجلس في وقت سابق لدراسة الموقف في دارفور الذي رصد الانتهاكات التي حدثت في درافور وأهمها
– فشل الحكومة في نزع وتحييد سلاح الجنجويد.
– اثارة التوتر بين المحموعات الاثنية القبلية والسياسية وغيرها في دارفور.
– توفير الدعم للمليشيات المسلحة والمجموعات الأخري التي ترتكب الاعتداء وتتقاتل في دارفور.
– الهجوم علي قوات الاتحاد الافريقي والشرطة المدنية ومراقبي وقف اطلاق النار التابعين للاتحاد الافريقي وعرقلة نشاطه امنعه من اكمال مهامه.
كما أشار التقرير الي أن كل الاطراف ارتكبت بدرجات متفاوتة انتهاكات شملت التعذيب ، الاعتداء علي كرامة الانسان ووقاره، المعاملة القاسية والمذلة للاشخاص غير المشاركين في القتال أو الذين توقفوا عن المشاركة في القتال ، وكلها انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية في الميثاق الدولي، والتي كفلها دستور السودان الانتقالي.
بعدها جاءت فكرة تدخل قوات الأمم المتحدة على أساس البند السابع لوقف تلك الانتهاكات وحماية المدنيين، لكنها لم تنجح رغم أنها قللت من الانتهاكات.
واضح أن التهاون مع مجرمي الحرب وعدم نزع سلاح الجنجويد ، بل تقنينه دستوريا ، وادخاله العاصمة ، واستحواذه على مواقع سيادية وعسكرية ، أدي لاندلاع الحرب في سباق الصراع على السلطة والثروة ، بين حميدتي والبرهان ، بعد أن اصبح لحميدتي قوى عسكرية ، وثروة راكمها من دعم الاتحاد الاوربي لمنع الهجرة، وحرب اليمن ومن الذهب حيث مُنح جبل عامر ، ومن الميزانية المفتوحة التي خصصها البشير للجنجويد ، الذين كان يطلق عليهم “حمايتي”، وشركاته مثل شركة الجنيد.الخ.
فدارفور كانت المحطة التي انطلقت منها الحرب الي الخرطوم، لتتجدد مرة أخرى في دارفور، مما يتطلب ضروة وقف الحرب والحل الشامل والعادل وترسيخ السلام والحكم المدني الديمقراطي وحل المليشيات وجيوش الحركات، وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم والتعويض العادل لهم، وتقديم مجرمي الحرب للمحاكمات. .