وائل محجوب يكتب حول خطاب البرهان المنتظر..؟!

0 101

كتب: وائل محجوب 

.

• تنشط هذه الأيام جهات معلومة يعرفها الناس من لحن القول، في الترويج لخطاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي سيقدمه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتسويق للخطاب تمهيدا لإعتباره انتصارا دبلوماسيا، وهو تخريج ينبئ عن عدم دراية بمثل هذا النوع من المحافل.
• فما سيسمعه البرهان كفاحا، من ممثلي دول الجمعية أكبر وأخطر، من كل ما يخطط لقوله، وسيقال علنا ما ظل يقال له منذ إندلاع الحرب، خلف الأبواب المغلقة وفي زياراته الخارجية، وراغ منه طيلة الأسابيع الماضية، كما يروغ الماء في باطن الكف، بخطابين متناقضين أحدهما للعالم الخارجي، يؤكد رغبته في السلام وإنهاء الحرب، وآخر داخلي، يؤكد استمرار القتال حتى دحر التمرد.
• سيجد البرهان نفسه محاصرا وبشكل علني بمطالب محددة إقليمية ودولية، تشمل وقف إطلاق نار دائم، وبدء عملية سياسية تفضي لتسليم السلطة لحكومة مدنية، وجيش وطني واحد عبر ترتيبات أمنية، تنهي وضعية الدعم السريع وكافة الحركات والمليشيات، تكون مهمته حماية البلاد وليس حكمها.
• وقد إستهل التعبير عن تلك الرؤية المجمع عليها اقليميا ودوليا، أمس، أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في خطابه، وتبعه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي دعا لتغليب لغة الحوار ووقف الإقتتال في السودان.
• وتشهد نيويورك حيث تنعقد جلسات الجمعية، حراكا مكثفا ينصب حول كيفية إنهاء كارثة الحرب في السودان، من كل أصحاب المبادرات والجهات ذات الصلة، بهدف تنسيق المواقف والدفع باتجاه ايجاد حل لكارثة الحرب.
• وفيما شهدت نيويورك حيث تنعقد اجتماعات الجمعية العامة بمقر الأمم المتحدة، حراكا مكثفا تقوم به الولايات المتحدة وبريطانيا، مع الدول وثيقة الصلة بالملف السوداني، مثل السعودية والأمارات، وقطر ومصر، واثيوبيا وغيرها من الدول.
• إلتئم أمس بمقر بعثة مصر الدائمة بالأمم المتحدة، إجتماعا لوزراء الخارجية في مبادرة دول جوار السودان، حيث شارك في الإجتماع وزراء مصر، تشاد، اثيوبيا، جنوب السودان، افريقيا الوسطى، ليبيا، وارتريا، وناقش كيفية تنفيذ نقاط المبادرة الثلاث وهي؛
– التوصل إلى وقف نهائي لإطلاق النار.
– إجراء حوار شامل بين الأطراف السودانية.
– إدارة القضايا الإنسانية.
وخلص الإجتماع لإتخاذ إجراءات تشمل الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للتعامل مع الأزمة الراهنة، وضمان إستقرار وإحترام سيادة السودان.
• هذه الإجتماعات ومخرجاتها تكشف عن إجماع إقليمي ودولي، كبير وضاغط لوضع حد للحرب، والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار، يفتح الباب لوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، وينهي الوضع القائم برمته، لصالح قيام حكم مدني، وهو ما سيواجه الفريق أول برهان، الذي ستتعاظم عليه الضغوط من كل إتجاه.
• كما سيستمع للمرة الأولى لإدانات ليس فقط لإنتهاكات الدعم السريع المروعة بحق المدنيين، إنما كذلك إدانات لما تعرض له المدنيين الذين قضوا بهجمات خاطئة للجيش، علاوة على المنشآت والمنازل التي تم قصفها بالطيران.
• شارك الفريق أول عبد الفتاح البرهان بحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل مرتين، الأولى بإعتباره رئيسا لمجلس السيادة ضمن الحكومة الانتقالية وقدم أمام العالم تعهداته بالحفاظ على الحكم حتى الإنتقال لحكومة مدنية منتخبة في نهاية الفترة الإنتقالية، ونكث عن تعهده هذا، وإنقلب عليه.
• ليعود ثانية للجمعية العامة عقب إنقلاب ٢٥ اكتوبر على الحكومة الإنتقالية، وما أن نودي عليه لإلقاء كلمته، حتى إنسحب ممثلو الدول الأعضاء واحدا تلو الأخر، ونقلت الصور خلو القاعة الإ من حضور بعض ممثلي دول، يعدون على أصابع اليد الواحدة للخطاب، وكان ذلك أبلغ إحتجاج وتعبير عن موقف جماعي للأسرة الدولية، رافض للانقلاب ولكل إجراءاته التي قام بها، وكان ذلك الموقف منسجما مع مواقف دولهم، التي رفضت الإعتراف بالإنقلاب وبشرعيته، وكل ما ترتب عليه من إجراءات وتدابير دستورية وسياسية، وكذلك إحتجاجا على موجة القمع الوحشي، التي أطلقها بحق المتظاهرين السلميين، والتي شملت القتل والإصابات المميتة بالرصاص، وعبوات الغاز المسيل للدموع، ودهسا بالعربات العسكرية، والإصابات المعيقة والإعتقالات.
• وهاهو يعود لنيويورك هذه المرة، محتقبا نتائج انقلابه الفادحة والكارثية على البلاد، وهو الذي لم يحسن قرأة الكتابة على حوائط الجمعيتين الماضيتين، وما تلاهما من رفض لإنقلابه على الحكم الإنتقالي، بمشاركة حليف الأمس عدو اليوم قائد الدعم السريع حميدتي، وكتلة “الموز”، وفلول الحزب الضرار من الباطن.
• لم تفلح المقاطعة الدولية والاقتصادية، وتجميد عضوية السودان في المنظمة الإقليمية “الإتحاد الأفريقي”، وما تعرضت له البلاد من حصار وخسائر إقتصادية، في حمله على إتخاذ المسار الصحيح، الذي ينجو بالبلاد من المصائر المظلمة، وها قد عاد للأسرة الدولية بكارثة أكبر وأنكى، من الموت والخراب والدمار لشعبه وبلاده، ربما يحتاج الجنرال هذه المرة أن يسمع أكثر من إحتياجه للحديث، فكل ما سيقوله حدثت عنه المدافع والقنابل والدمار والخراب، في الخرطوم ودارفور وكردفان.
• فما الذي تبقى ليقال وليحتفى به في خطابه المنتظر..؟!
ربما يحتاج البرهان أن يقول للعالم ما ينوي فعله بوضوح وبلا مراوغة أو تدليس، سلما أو حربا، فقد سمع منه هذا المحفل مرتين وعودا تنكر لها وفعل عكسها، وفي هذا التوقيت الشعب والعالم يحتاجان لمعرفة كيف ستنتهي الحرب، وكيف ستتجاوز البلاد هذه الكارثة المروعة التي يعانيها أهلها، وما عاد في قوس الصبر منزع.
• فليستمع البرهان ويدرك ما سيقوله العالم عن ماسأة بلاده، فبعد هذه الجلسات سيتحرك العالم بشكل مختلف عما قبلها، وسيكون لكل حادث حديث.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.