كتب وائل محجوب: حرب الإتهامات المتبادلة بين قائدي الجيش والدعم السريع حول فض اعتصامات القيادة العامة

0 168
كتب: وائل محجوب
• إنزلقت حرب الإتهامات المتبادلة بين قائدي الجيش والدعم السريع، لفض اعتصامات القيادة العامة والولايات صبيحة ٣ يونيو ٢٠١٩م، ففي رد فعل على إتهامات قائد الدعم السريع ونائبه، للبرهان بالتورط في فض الإعتصامات تخطيطا وتدبيرا، وتنفيذها بواسطة القوات النظامية المختلفة، بجانب أجهزة أمنية وعسكرية تابعة للحزب المحلول.
• خرج البرهان للمرة الأولى ليوجه الإتهام مباشرة للدعم السريع، بالتورط في فض الإعتصامات وقتل المحتجين السلميين، ذلك اليوم أمام القيادة وبالولايات، وهو الذي برأ من قبل المكون العسكري بكل قواته من تنفيذ تلك الجريمة، وإتهم “طرفا ثالثا” بالتورط فيها.
• لقد قلنا من قبل إن هذه المجزرة البشعة خالف توصيفها القانوني طبيعة وقائعها الدموية، فهي تعد من الجرائم ضد الانسانية، بحسب توصيف القانون الدولي والجنائي السوداني لها، فهذه الجرائم بحسب تعريفها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في ١٧ يوليو ١٩٩٨م، قد نصت على الآتي في المادة (١/٧) في تعريفها:
“لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية”، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم،وهذه الأفعال هي:
أ- القتل العمد: قتل المتهم شخصا أو أكثر، وأن يرتكب السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي، موجَّه ضد سكان مدنيين، إضافة إلى أن يعلم مرتكب الجريمة، بأن السلوك جزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي، موجه ضد سكان مدنيين أو أن ينوي أن يكون هذا السلوك جزءا من ذلك الهجوم”.
• حينما وقعت جريمة فض الإعتصامات كان من يتبادلان الإتهامات حاليا، يحتلان أعلى درجات المسئولية، من خلال منصب الرئيس ونائب الرئيس في المجلس العسكري، الذي آلت اليه المسئولية عن كافة القوات النظامية بالبلاد، في اعقاب اسقاط نظام المؤتمر الوطني في ابريل ٢٠١٩م، وبالتالي هما في موقع المسئولية المباشرة، ويتحملان تبعا لذلك مسئولية كل الأفعال التي تقوم بها القوات التابعة لهم والخاضعة لسلطتهم، وبما أن ما وقع صبيحة ذلك اليوم، كان عملا مدبرا ومخططا، وتم تنفيذه بهجوم منهجي وواسع النطاق، شاركت فيه مختلف القوات النظامية الرسمية، وفق ما شاهد أهل السودان وجميع العالم، فإن اعترافاتهما الأخيرة تصلح دليل إدانه لكليهما، ولا مجال لإفتراض ايا منهما ان فيها ما يبرئ ساحته من تلك المجزرة البشعة.
• وفي ذلك الإطار أورد التصريح الذي أدلى به القانوني المتميز الأستاذ معز حضرة لراديو دبنقا حول هذه التصريحات؛
(اعتبر المحامي المعز حضرة اتهام البرهان للدعم السريع بالتورط في فض اعتصام القيادة العامة في ٣ يونيو ٢٠١٩م ، اعتراف شخصي قوي يمكن أن يدين قائد الجيش، داعياً لجنة التحقيق في جريمة فض الاعتصام لفتح بلاغ جنائي في مواجه البرهان والاخرين، لان هذا الاعتراف شبه كاف.
وأوضح حضرة ان البرهان كان رئيسا للمجلس العسكري عند ارتكاب الجريمة، ويمثل أعلى سلطة في الدولة، بالإضافة إلى ان الجريمة تمت امام ناظريه، كما أنه نفى أكثر من مرة صلة قادة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بجريمة فض الاعتصام، وتساءل لماذا صمت البرهان طيلة الأربع سنوات الماضية عن هذه المعلومة؟ وهل أدلى البرهان بهذه المعلومة امام لجنة التحقيق التي كونت لهذا الغرض؟
وأشار حضرة إلى فض عدد من الاعتصامات بالتزامن مع فض اعتصام القيادة العامة.
وأكد المحامي المعز حضرة إن تصريح البرهان لا يعفيه من المسئولية الجنائية، بل يورطه بصفته رأس الدولة في ذلك الوقت وقائد القوات المسلحة، مبيناً إنه يخضع للمساءلة عن أي أفعال قام بها افراد الجيش.
وأكد إن تصريحات البرهان لا يمكن تكييفها على أنها آراء شخصية او اتهامات شخصية، بل هي تصريحات يمكن ان تشكل شبهة اثبات قوية جدا، لإدانة كل أطراف المكون العسكري الذي ارتكب جريمة فض الاعتصام امام القيادة العامة ومناطق أخرى من البلاد، وأكد إنها يمكن ان تشكل قرائن قوية في التحقيق) انتهى.
• إن واحدة من الأسباب المؤكدة لإندلاع هذه الحرب، بكل ما صاحبها من جرائم حرب بشعة وجرائم ضد الإنسانية، هي نتيجة لسيادة ثقافة الإفلات من العقاب وإهدار قيم العدالة، والحصانات التي تمتع بها مرتكبو الجرائم، والحماية التي ظلوا يجدونها من أعلى مستويات السلطة، منذ عهد سيئة الذكر الإنقاذ وفي عهد سلطة لجنتها الأمنية، وهذه الجرائم وسابقاتها، وجرائم هذه الحرب الدائرة، هي من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
• وإلى أن يحين موعد حسابها، ينبغي القول إن هولاء الذين قفزوا للسلطة، وأشقوا البلاد بأفعالهم ومؤامراتهم وحروبهم، يفتقرون لحس القيادة الذي يقوم أول ما يقوم على التحلي بالمسئولية، وتقديم مصلحة الوطن على المصالح والمنافع الشخصية والذاتية والحزبية، وسيتحملون نتائج أفعالهم طال الزمان أم قصر، وينبغي أن توثق هذه الإتهامات المتبادلة والأقوال حتى يحين موعد حسابها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.