لا خير في تسوية تعيدنا لمربع الحرب

0 88

كتب: تاج السر عثمان بابو

.

(1)
أشرنا سابقا الي مفاوضات جدة ، وضرورة وقف الحرب، وفتح المسارات للمساعدات الانسانية وحماية المدنيين الذي كانوا الأكثر تضررا من الحرب ، ليس ذلك فحسب ، بل لا بد من عدم تكرار التسوية مع العسكر والدعم السريع التي تعيدنا لمربع الحرب ، وضع الأساس المتين استنادا للتجارب المريرة السابقة بتحقيق السلام المستدام ، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي.

تم طرح التسوية علي اساس “الهبوط الناعم ” منذ تقرير الأمريكي برنستون ليمان 2013 بعد تصاعد الحركة الجماهيرية ضد نظام الانقاذ التي كانت موجتها العارمة في هبة سبتمبر 2013 ، وكان الهدف منها قطع الطريق أمام الانتقاضة الشعبية التي تطيح بالنظام ، وتحدث تحولات ديمقراطية وثورية غير مرغوبة لامريكا وحلفاؤها في المنطقة ، واشار تقرير ليمان الي حوار واسع يؤدي لتسوية يشارك فيها حتى الاسلامويون.

كانت ازمة نظام الانقاذ الشمولي ازدادات تفاقما يعد تزوير الانتخابات و انفصال الجنوب في 2011 ، ، وبعدها رفع الحزب الشيوعي شعار اسقاط النظام بعد تزوير الانتخابات وفصل الجنوب ، وخرق العهود والمواثيق التي أدت لاشتعال نيران الحرب، وتدهور الاوضاع المعيشية والانسانية..
على سبيل المثال بعد تزوير انتخابات 2011، قرر الحزب الشيوعي مقاطعة انتخابات يناير 2015 كما جاء في بيان اللجنة المركزية للحزب بتاريخ 8 /11/ 2013 الذي أشار فيه للاسباب الآتية:
” – هذا النظام زور الانتخابات العامة السابقة وزيف ارادة الشعب ، لهذا فهو غير مؤتمن علي اجراء أي انتخابات.

– لا يمكن اجراء انتخابات في ظروف تنعدم فيها ابسط الحريات والحقوق الديمقراطية التي قننها الدستور المعمول به حاليا (دستور 2005 يومئذ) ، وتنعدم ابسط حقوق الانسان المعلن عنها في المواثيق الدولية ووقع عليها هذا النظام، وتمنع الأحزاب السياسية من اقامة الندوات لتعلن فيها للجماهير رأيها ومواقفها في مختلف القضايا ، ومن جهة أخري يُمنع الصحفيون من الكتابة وتمنع الصحف من الصدور ومن بينها صحيفة “الميدان” التي منع صدورها جهاز الأمن أكثر من عام ونصف ، وينطبق ذلك علي دعوات النظام لوضع دستور البلاد.

– أغرق هذا النظام المظاهرات السلمية المشروعة للمواطنين في بحار من الدم والقتلي ، وصار ما بين الشعب وهذا النظام الفاسد بحار من الدماء ومئات الشهداء، ولا يمكن الدخول في انتخابات مع نظام اوصل شعب السودان لهذا الدرك من المعاناة.
– لايمكن الدخول في انتخابات وأكثر من ثلث سكان السودان خارج البلاد بسبب الحرب”.

(2)
كما رفع الحزب الشيوعي في دورة اللجنة المركزية المنعقدة في أغسطس 2015 شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية اداة لاسقاط النظام ، وطرح بناء أوسع تحالف قاعدي جماهيري ، وبناء لجان المقاومة في مجالات السكن والعمل والدراسة ، واستكمال الخطوات التنظيمية لتنفيذ الاضراب العام.

جاء حوار الوثبة الذي رفضه الحزب الشيوعي مع قوى أخرى بدون تحقيق مطلوباته في توسيع الحقوق والحريات الديمقراطية.الخ.
كما رفض الحزب الشيوعي الدخول في انتخابات 2020 التي روجت للمشاركة فيها قوي ” الهبوط الناعم” كما في أحزاب ” نداء السودان” التي انشقت من تحالف قوي الاجماع الوطني، وسارت في الحوار علي أساس خريطة الطريق.

(3)
لكن جاءت ثورة ديسمبر 2018 التي اطاحت برأس النظام ،وقطع انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 الطريق أمامها بهدف :
– حماية مصالح الرأسمالية الطفيلية والتفريط في السيادة الوطنية.
– السير في سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية كما في تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي.
– توقيع الاتفاقات الجزئية التي تهدد السلام ووحدة البلاد كما في اتفاق جوبا الذي قنن وجود السلاح في ايدي الحركات في المدن.
– تنفيذ مجزرة فض الاعتصام و بهدف الانقلاب علي الثورة ، لكن موكب 30 يونيو 2019 قطع الطريق أمام الانقلاب .
– التوقيع علي الوثيقة الدستورية بين العسكر وقوي ” الهبوط الناعم” التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، وقننت الدعم السريع دستوريا بدلا من حله مع مليشيات “الكيزان” وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد، ولم يتم تنفيذ بنودها وأهمها المجلس التشريعي، والقصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام ،والمحاسبة، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ، وتفكيك النظام واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة ، وتحسين الأوضاع المعيشية التي تدهورت بعد التخفيض الكبير للجنية السوداني، والخضوع لتوصيات صندوق النقد الدولي .الخ.

وفي نهاية مدة حكم العسكر في الوثيقة الدستورية، تم تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين للاسلامويين ، ووجد مقاومة جماهيرية واسعة ، أدت لتدخل دولي واقليمي لاعادة التسوية علي اساس الاتفاق الاطاري الذي فجر الصراع بين العسكر والدعم السريع حول دمج الدعم السريع في الجيش ، وادي لحرب 15 ابريل التي مازالت دائرة رحاها، وادت لتدهور كبير في الاوضاع الانسانية ونزوح الملايين داخل وخارج البلاد ومقتل الالاف ، وتدمير البنية التحتية ، وتدهور في الاوضاع المعيشية والصحية حتى اصبحت البلاد على حافة المجاعة.
مما يتطلب اوسع تحالف لوقف الحرب، وعدم تكرار التسوية التي تعيدنا لمربع الأزمة و الحرب ،وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة والفترة الانتقالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.