الجولة الأخيرة من مباحثات جدة.. أساس لمفاوضات جادة يمكن أن تفضي لإنهاء الحرب
كتب: وائل محجوب
.
• المفاوضات أي مفاوضات تبنى على حقائق ومعطيات عديدة أهمها القوة المادية والسياسية التي يمثلها كل طرف، وضع طرفيها الحقيقي على الأرض، وحجم الفجوة التي تفصل بينهما، واستعدادهما لإجتياز الخط الفاصل للوصول للتلاقي مع عند منتصف المسافة، وردم هذه الفجوة، وما حدث بجدة هو خليط من كل هذه العناصر.
• خلصت هذه الجولة من مباحثات جدة بين القوات المسلحة والدعم السريع، الى التزام الطرفين كل على حدا بالعمل على تسهيل مرور ووصول المساعدات الانسانية للمتضررين من الحرب، مع تحديد
تحديد جهات اتصال لكل من قادة الطرفين، لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني و المساعدات، مع انخراطهما في آلية تنسيق انسانية مشتركة، بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإغاثية.
• وأهم ما حمله البيان هو اتفاق الجيش والدعم السريع، على حزمة إجراءات وتدابير لبناء الثقة، يتم تنفيذها من قبل الطرفين بالتوازي تتمثل في؛
– انشاء آلية تواصل بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
– احتجاز الهاربين من السجون.
– تحسين المحتوى الإعلامي لكلا الطرفين واللغة الإعلامية.
– اتخاذ اجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمأججة للصراع.
• هذه الإجراءات تعني وبوضوح وقف العدائيات وخطابات الكراهية، التي تقوم ببثها جهات على صلة بطرفي الحرب، والهدف من هذه الخطوة وقف الاستقطاب والتصعيد الاعلامي، بهدف خلق مناخ يساعد ويسهل عملية الحوار، ويمتص التعبئة العنيفة التي تولدت منذ اندلاع الحرب، وهذا يعني أن كثيرا من اصحاب الأصوات العالية، ممن يرتدون البزات العسكرية من الجانبين، ويمارسون التحشيد للحرب، ستختفي أصواتهم، ويسري ذلك الأمر ايضا على منابر ومنصات اعلامية تتبع للطرفين، التي بات لزاما عليها لجم خطابها الاعلامي، بعدما مارست كل ما يندرج تحت قوانين النشر، والقوانين الجنائية المحلية والدولية من مخالفات، بنشرها للأخبار الكاذبة والمضللة والزائفة والتحريض، وخطابات تحض على الكراهية والانتقام، طيلة الفترة الماضية.
• كما تعني هذه الاجراءات وبوضوح، إعادة القاء القبض على قادة النظام البائد الذين خرجوا من السجون، وبدلا من أن يتواروا عن الأنظار هربا من الملاحقة، تقدموا الصفوف للحشد والتعبئة ومخاطبة المستنفرين، وتأجيج نار الحرب، جريا على عادات عهدهم المشئوم، الذي مزق من قبل وحدة البلاد، وقاد لإعتبار السودان واحدا من أكثر الدول انتهاكا لحقوق الانسان، وعرضهم للملاحقة بإتهامات ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
• وقد تم تضمين هذا البند بعدما افتضحت للعلن، أدوارهم التي يقومون بها منذ اندلاع الحرب، وهو أمر لا يمكن تبريره ولا الدفاع عنه.
• إن ما تم في جدة شبيه بمذكرة التفاهم حول وقف العدائيات، التي تم توقيعها بين حكومة الإنقاذ وقتها والحركة الشعبية بقيادة د. جون قرنق في اكتوبر عام ٢٠٠٢، وتم تطويرها في فبراير ٢٠٠٣م، والتي مهدت لمفاوضات سلام نيفاشا، ووضعت أساس لآلية وقف اطلاق النار والترتيبات الأمنية، ضمن حزمة اتفاقيات الحل الشامل بين الطرفين في ديسمبر ٢٠٠٤م.
• ويمكن القول وبوضوح، وعلى الرغم من عدم وصول هذه الجولة لوقف اطلاق النار، وفق ما كان يتصور الكثير من الناس، الإ انه بما تم التوافق عليه، قد تم وضع أساس لمفاوضات جادة يمكن أن تفضي لإنهاء الحرب، والوصول لمعالجة نهائية لوضعية الدعم السريع والحركات المسلحة تفاوضا، وإنهاء أي وجود للمليشيات القبلية والحزبية، إذا التزم كل طرف بالتدابير والإجراءات التي وقع عليها.
• وعلى رأس ذلك مسئولية القوات المسلحة، في ابعاد فلول النظام البائد عن أي أدوار في هذه الحرب، واعادة القبض على الفارين منهم واعادتهم للسجون، والمضي بعزم في مسار السلام، هذا أو الاستمرار في الحرب، ليتحطم الوطن.
• كلمة أخيرة؛
من الوارد أن تواجه تلك الخطوة بمقاومة من دعاة الحسم العسكري من الجانبين، ومن فلول النظام البائد الذين راهنوا على استمرار الحرب لإعادة تشكيل المشهد السياسي بعد أن دحرتهم الثورة، وقد قادت هذه التوجهات الحربية، لخراب ودمار كبير اصاب البلاد، ولموت الآلاف وتشريد الملايين، وجاء الوقت للتصدي لها وحسمها وانقاذ البلاد من عقابيل عقولها الخربة.