في الحالتين الوطن ضائع
كتب: جعفر عباس
.
ونحن نعاني من جرح انكسار جيشنا هنا وهناك امام قوات الدعم السريع، يمسح قادة الجيش الملح على جراحنا بالكذب الفج الساذج، ويقولون ان الدعم السريع فجر مصفاة النفط التي يسيطر عليها في الجيلي، وأنه قام بتدمير كوبري شمبات الذي ظل مسيطرا على طرفيه منذ بداية الحرب، وربما نسمع منهم عن قريب ان الدعم السريع قام بترحيل 326 ضابطا وجنديا من القوات المسلحة بكامل عتادهم الى تشاد
ربما كان طموح آل دقلو عند بداية الحرب إقامة امبراطوريتهم في دارفور، ولكن وبعد ان كسبوا معظم جولات الحرب، صار الدعامة يتكلمون صراحة عن الزحف الى وسط السودان وشماله وشرقه، مدعومين بمنشقين عن حركات دارفور المسلحة، التي يختبئ قادتها في بورتسودان، عاصمة دولة برهانستان، التي لجأ إليها أيضا شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش.
من يمارسون خداع الذات يأتون بانتصارات وهمية للجيش، لأنه من الموجع ان يقر الانسان بان الجيش المناط به الدفاع عن الوطن في مواجهة أعداء خارجيين، عاجز عن دحر مليشيا تدين بالولاء لعائلة معينة (آل دقلو)، وينسى هؤلاء ان نفس هذا الجيش الذي هلهل الكيزان وخلخلوا مفاصله، كان نائما في العسل في مايو 2008 ولم يستيقظ على أمر قوات حركة العدل والمساواة وهي تجتاز 5000 كيلومتر انطلاقا من دارفور، إلا بعد أن وصلت الى ام درمان في سعيها للاستيلاء على السلطة.
ويقيني ان الجندي السوداني ليس جبانا يهرب من المعارك، ولكنه يخوض هذه الحرب وهو يفتقر الى أدوات القتال ويفتقر الى القيادة ذات الكفاءة، وكيف يحارب الجندي بسلاح مهترئ وعلى بطن خاوية وقدمين ليس فيهما سوى شبشب لا يسمح بحرية الحركة؟ ولنا ان نتساءل اين ذهبت 82% من ميزانية البلاد التي كانت تذهب سنويا الى المؤسسة العسكرية؟ حتما ذهبت الى جيوب وكروش الجنرالات الذين أثبتت الأيام عجزهم وجهلهم العسكري، ربما لأنهم انشغلوا عبر السنين بتجارة الطلح والفحم واللحم والسمسم والصمغ والأواني البلاستيكية من خلال شركات ومصانع يتحكمون في مجالس إداراتها نظير حوافز مليونية دولارية.
الوضع كارثي في ظل انتصارات الدعم السريع، وواهم من يظن ان الدعامة يقاتلون من اجل حكم مدني، فقيادتهم التي “قامت من نومها ولقت كومها”، ذات طموح بلا سقف، ومن يتغطى بهم عريان وخسران، وخسائر الجيش ومكاسب الدعم السريع خسارة للوطن (يعني في الحالتين الوطن ضائع).