“الإستشفاء بالفنون”.. مبادرة لتقديم الدعم النفسي للنازحيين بالنيل الأبيض

0 264

كوستي ــ السودان نت

 

تولِّد الحروب والنزاعات دمار يطال البنيان، والإنسان بالقتل والإصابات الجسدية، ويتعدى ذلك إلى صدمات نفسية من هول ما يراه الفرد ويعيشه فيدخل البعض في حالة من الذهول وفقدان القدرة على استيعاب ما يجري حولهم وإنكاره، وقد يعيش من ينجو في جحيم الآثار النفسية للحروب وما تخلفه من جروح نفسية عميقة وذكريات مؤلمة.

ومن المؤكد أن ما يعيشه السودانيون هذه الأيام من حرب تدور رحاها منذ الخامس عشر من إبريل الماضي ودخلت في شهرها الثامن، في ظل اشتعالها وتهديدها لحياة الناس، وتعرضهم للإصابات الجسدية والعنف، وفقدان الأهل، وتدمير المنازل والممتلكات وصولًا إلى التهجير داخلياً وخارجياً، وعيشهم في ظروف قاسية يعرضهم للإصابة بصدمة نفسية أو صدمة الحرب.

لذلك لأبد في مثل هذه الحالة من أن تكون هنالك معالجات نفسية لتلك الصدمات، إذا كان على الصعيد الرسمي للدولة، أو عن طريق المنظمات الطوعية التي الي جانب دورها الإغاثي لأبد لها من دور في معالجة الصدمات النفسية التي يعاني منها السودانيون بسبب الحروب.

مبادرات لتقديم الدعم النفسي..

قام مجموعة من الإخصائيين النفسيين بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض بمبادرة لتقديم العلاج النفسي للنازحين بالمدينة، بالتعاون مع منظمات محلية ودولية كمنظمة (بلان سودان) وصندوق الأمم االمتحدة للسكان وبالتنسيق مع وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل التابعة لوزارة الصحة الإتحادية.

وقالت الباحثة النفسية بوحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل سارة صلاح الدين، لــ”السودان نت” أنهم كمختصين منذ نزوحهم هم أيضاً لمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض شرعوا في القيام بواجبهم العملي والإنساني بتقديم الدعم النفسي للنازحيين بمعسكرات الإيواء، وقاموا في البدء بترتيبات الطوارئ المتبعة في مثل هذه الحالات، ومن ثم تفهم المعاناة النفسية التى يمرون بها في مثل هذه الحالآت، وتقديم توعية بردود الأفعال وطرق الإستجابة المختلفة لمساعدتهم. كما يقومون بعمل إسعاف نفسي أولي للأشخاص الذين تأثروا بصورة كبيرة، وإرشاد نفسي للأشخاص الذين لديهم حوجة للتوجيه، ومن لديهم حوجة لتدخل أكبر يتم إحالتهم للخدمات المتخصصة.

 

جلسة علاج نفسي لأطفال بإحدى مراكز النزوح

 

وأوضحت صلاح ان لديهم عمل مع النساء والفتيات بصورة خاصة بربط الصحة النفسية بقضايا حماية النساء والعنف المبني على النوع الإجتماعي، يحاولون من خلاله الكشف عن المشاكل الخاصة بقضايا النساء وما يتعرضون له خلال هذه الفترة، لأن تلك القضايا لها علاقة كبيرة بالصحة النفسية، وتوعيتهم بالأشياء الموجودة في الأوضاع التي يعيشونها، وتعريفهم بماهيتها واذا واجهتهن أو تعرضن لها لأبد لهن من الحديث عنها لأنه يقلل من آثارها.

 

 

وأكثر الأضرابات النفسية التى يعاني منها الأشخاص في مناطق الحروب والنزوح حسب الحالآت التي واجهتهم، هي الإكتئاب وإضراب ما بعد الصدمة، لأنهما يظهران بسرعة بعد الأحداث الصادمة.

النساء والأطفال الأكثر تأثراً..

وأبانت سارة صلاح عن أن أكثر شرائح المجتمع تأثراً بالحرب هم الأطفال والنساء وكبار السن. فالأطفال لأنهم لأيستطيعون التعبير عن أنفسهم، والنساء لحملهن أعباء ومسؤوليات كثيرة في مثل هذه الأوضاع، أما كبار السن لأنهم فقدوا العناية الصحية وأدوية الأمراض المزمنة. وأغلبهم هذه الحالآت يكون الإنسان يعاني فيها من أكتئاب شديد الى جانب عدم تقبل الوضع الجديد الذي يعيشه من حيث الإقامة وإختلاطه بالناس الذين يختلفون عنه في الطباع، بالإضافة الى عدم حصولهم على الخدمات الكافية، وخوف شريحة كبيرة منهم من عدم عودتهم لحياتهم السابقة.

وتقوم المبادرة بعلاج الصدمات النفسية عن طريق الأنشطة الترفيهية العلاجية للأطفال وجلسات للإستشفاء الجماعي بالفنون للفتيات اللآتي تعرضن لأحداث صادمة كالإغتصاب و”التروما”، ويتم أيضاً تقديم مواد نظافة شخصية للنساء والفتيات.

 

 

قد لا تختفي الآثار النفسية للحروب والصراعات بمجرد انتهاء الحرب، بل قد تستمر المعاناة والألم بما أحدثته من جروح عميقة في النفس والروح فيعيش الناجون في دوامة استعادة الذكريات المأساوية وأصوات الانفجارات ومشاهد القتلى والجرحى، حتى أن هذه المشاهد تسيطر على منامهم لسنين طويلة، لكن تقديم الدعم النفسي من خلال مثل هذه المبادراة يسهم كثيراً في تقليل الآثار النفسية للحروب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.