تقرير خاص – لاجئون سودانيون يسردون مآسي موجة ثانية من التطهير العرقي

0 127

السودان نت _ وكالآت 

 

22 نوفمبر 2023

من ماجي ميشيل ورايان ماكنيل والطيب صديق (رويترز)

على الحدود التشادية السودانية (رويترز) – في وقت سابق من هذا العام شنت قوات عربية حملة قتل واغتصاب أخرجت معظم قبيلة المساليت أفريقية الأصول من مدينة الجنينة السودانية.
وفي نوفمبر تشرين الثاني الجاري، عادت هذه القوات مرة أخرى لتنهي ما بدأت.
وقال عشرات الناجين لرويترز إن مقاتلين بقيادة قوات الدعم السريع السودانية، في أوائل نوفمبر تشرين الثاني، فتشوا عن أفراد من قبيلة المساليت لقتلهم. وانصب بحث القوات على منطقة أردمتا، وهي منطقة نائية في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور.
وقال ناجون إن قوات الدعم السريع سيطرت على قاعدة للجيش السوداني في أردمتا، باستخدام طائرات مسيرة لمهاجمة الجنود هناك. وقال 11 شخصا كانوا موجودين في القاعدة إن قادة بالجيش السوداني تركوا جنودهم أثناء القتال وفروا.
ثم كثفت قوات الدعم السريع وميليشيات عربية متحالفة معها هجماتها على المدنيين الذين يعيشون في مخيم للنازحين في أردمتا والأحياء المحيطة بها، وشنت هجوما على عشرات الآلاف ممن يعيشون هناك، معظمهم من قبيلة المساليت.
وتحدث عشرات الناجين من هجمات هذا الشهر لرويترز. وقال العديد منهم إنهم رأوا رجال من المساليت يتم اعتقالهم وإطلاق النار عليهم. وقال بعضهم إنهم رأوا أشخاصا يُمزَقون أربا حتى الموت بالفؤوس (البلط) والمناجل.
ونُقل مئات من المساليت إلى ملعب لكرة القدم في المنطقة حيث قال شاهدان إنهما رأيا أشخاصا يعدمهم خاطفون عرب. وظلت الجثث المنتفخة ملقاة في شوارع أردمتا لبضعة أيام. وأُضرمت النيران في منازل وتعرضت للنهب وبعضها جرد من أي متاع بعد أن سرق اللصوص أجهزة التلفزيون وأدوات المطبخ وحتى الأبواب والنوافذ.
ويأتي الهجوم على أردمتا بعد أن طردت قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تتألف أساسا من قبائل عربية، وميليشيات عربية حليفة، في وقت سابق من هذا العام مئات الآلاف من المساليت الذين كانوا يمثلون سابقا الأغلبية في الجنينة من المدينة. وفي حملة استمرت قرابة شهرين، قتلت القوات العربية المئات من سكان الجنينة، معظمهم من أفراد قبيلة المساليت. وفر كثيرون من الناجين إلى تشاد.
ومن غير الواضح عدد المساليت الذين بقوا في الجنينة. لكن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قالت في عام 2022 إن عدد سكان المدينة متعددة الأعراق كان يبلغ 540 ألف نسمة. وفي أعقاب القتال الذي دار هذا العام في دارفور، يعيش الآن نحو نصف مليون لاجئ سوداني في مخيمات على الجانب التشادي من الحدود بين البلدين.

 

أطفال نازحين من غرب دارفور لشرق تشاد

 

وتمثل أردمتا أحد الجيوب الأخيرة لوجود المساليت في المدينة. وفي الأيام التي تلت الهجمات الأحدث، شاهد صحفيون من رويترز عشرات الأشخاص، بعضهم مصابون، يعبرون إلى مدينة أدري الواقعة على حدود تشاد مع السودان.
وتحدثت رويترز مع أكثر من 70 شخصا لإعداد هذا التقرير، بينهم مدنيون وجنود بالجيش السوداني نجوا من المذبحة ووصلوا إلى تشاد. وأُجريت المقابلات في مدينة أدري، عند معبر حدودي أثناء دخول الهاربين إلى تشاد، وفي مواقع للاجئين في المنطقة. وتستند هذه الرواية للمرحلة الأحدث من عملية التطهير التي تقوم بها القوات العربية للمساليت إلى شهاداتهم، وكذلك إلى تحليل رويترز لصور الأقمار الصناعية والصور الفوتوغرافية ولقطات من وسائل التواصل الاجتماعي لأعمال العنف.
وقال الاتحاد الأوروبي إن أكثر من ألف من أفراد قبيلة المساليت قتلوا في أردمتا. وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في وقت سابق من هذا الشهر، إن “أحدث الفظائع” في أردمتا كانت جزءا من “حملة تطهير عرقي أوسع نفذتها قوات الدعم السريع بهدف استئصال قبيلة المساليت غير العربية من غرب دارفور”.
ولم يرد الجيش السوداني على أسئلة حول تقدم قوات الدعم السريع أو سلوك قواته.
ولم ترد قوات الدعم السريع وميليشيات عربية على أسئلة حول ما قاله الشهود عن القتل والنهب في أحدث جولات القتال.
وفي بيان صدر يوم 13 نوفمبر تشرين الثاني، حمل متحدث باسم قوات الدعم السريع الجيش السوداني مسؤولية القتال. وقال البيان إن قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) أمر بإجراء تحقيق فيما حدث في أردمتا، وإنه لن يوفر “الحماية لأي فرد يثبت تورطه في أي انتهاكات لحقوق المدنيين الأبرياء”.
وكان حميدتي، قد أدلى بتصريحات مماثلة من قبل. وبعد أعمال العنف السابقة في الجنينة، قال إن قوات الدعم السريع ستحقق في الأمر.
وبدأ إهراق الدماء في دارفور بعد أيام من اندلاع الحرب في أبريل نيسان في العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب خلاف على دمج القوتين مع انتقال البلاد إلى الحكم المدني. وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من ستة ملايين شخص، من بينهم نحو 500 ألف عبروا الحدود إلى تشاد، معظمهم من غرب دارفور، وفقا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وغرب دارفور هو الموطن التاريخي للمساليت. ولطالما اندلع العنف في المنطقة بسبب التنافس على الأراضي والمياه بين المجتمعات الزراعية غير العربية مثل المساليت والرعاة العرب الرحل.

 

معسكر نازحين من غرب دارفور في تشاد

 

وحققت قوات الدعم السريع مكاسب في الأشهر القليلة الماضية. وبعد سيطرتها على مساحات واسعة من الخرطوم، أجبرت الجيش السوداني على التراجع في أجزاء من إقليمي دارفور وكردفان. وفي أواخر أكتوبر تشرين الأول، اجتاحت قوات الدعم السريع مقرات الجيش في نيالا وزالنجي، وهما اثنتان من عواصم الولايات الخمس في إقليم دارفور.
وتقول قوات الدعم السريع إنها تريد إحلال الديمقراطية في السودان. ويقول دبلوماسيون إنها تسعى إلى الحصول على مزيد من الموارد بما في ذلك الذهب الذي استخدمته للمساعدة في بناء إمبراطورية مالية، ولتأمين دورها في أي تسوية سياسية بعد سبعة أشهر من القتال. وتعهدت قوات الدعم السريع بالوصول إلى المركز الاقتصادي للبلاد في بورتسودان على الساحل الشرقي. وأثار تقدمها مخاوف من أن السودان قد يعاني من انقسام آخر، بعد 12 عاما من انفصال جنوب السودان.
وفي مطلع نوفمبر تشرين الثاني، توجهت قوات الدعم السريع نحو هدفها التالي في الجنينة وتمثل هذا الهدف في قاعدة الجيش في أردمتا، التي كانت بمثابة القيادة المركزية للجيش السوداني في غرب دارفور بأكمله.

* “الهزيمة كانت سريعة”
قاتل الجيش السوداني قليلا في الجنينة حتى هذا الشهر. وقال عشرات الشهود لرويترز في يوليو تموز إنه حين بدأت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها اجتياح المدينة في أواخر أبريل نيسان، ظلت قوات الجيش إلى حد كبير في قاعدة أردمتا.
وبحلول الأول من نوفمبر تشرين الثاني، كانت قوات الدعم السريع وحلفاؤها قد حاصروا القاعدة الواقعة في أقصى الطرف الشمالي الشرقي للمدينة. وكان بالداخل عدة آلاف من قوات الجيش السوداني ومقاتلون من قوات التحالف السودانية، وهو مجموعة من الفصائل المسلحة التي قاتلت في حروب سابقة في دارفور. واحتمى هناك مدنيون أيضا.
وحينها كان يتعين على ضباط الجيش اتخاذ قرار. وقال جنود وتقارير وسائل إعلام محلية إن السلطات المحلية في الجنينة المتحالفة مع قوات الدعم السريع أرسلت مبعوثين إلى القاعدة لاقتراح صفقة بأنه إذا استسلمت القوات وغادرت يمكن تجنب الحرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.