الاصطفاف مع طرف ضد الأخر في هذه الحرب لن يقود الإ لتفكيك البلاد وتمزيقها..

0 56

كتب: وائل محجوب

.

• حينما أندلعت الحرب في ابريل من العام الماضي، قلنا ان هذه هي حرب قوى الثورة المضادة واقتتالها للإنفراد بسلطة البلاد، بعدما تقاسمتها بالإنقلاب وتضاربت مصالحها، وبينا الشواهد التي تدلل على ذلك.
• والأن الحرب تمضي لتكمل عامها الأول وتكشفت كل الأوراق، وبان أن المتضرر الأوحد من استمرار الحرب هو السودان وأهله، الذي حصد الموت الألاف من ابنائه، وهجر الملايين من ديارهم نزوحا ولجوء للجوار، وتهدمت البنيات التحتية والمرافق وتصدعت المشاريع، وشهد الناس ضربا من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية فاق كل تصور، وانفلتت الفتنة القبلية والعنصرية من عقالها بدفع من أطراف الحرب، كيزانهم وجنجويدهم.
• إن الاصطفاف مع طرف ضد الأخر في هذه الحرب نتنة الأهداف والدوافع، لن يقود الإ لتفكيك البلاد وتمزيقها، فلا الجيش ومليشيات الحركة الاسلامية ستدافع عن الشعب وترد له حقوقه المسلوبة، ولا الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معه ستقود الناس لحكم مدني يتعارض جوهريا مع أساس وجودها وتكوينها.
• الجيش أي جيش يقوم على أسس واحدة في كل العالم، وأولها الالتزام بالمسئوليات الدستورية والقانونية وهذه لن نناقشها فالحال يغني عنها، وسننفذ الى القواعد الأساسية؛
– قيادة
– تراتبية هرمية
– نظام صارم للسمع والطاعة
• وبهذا المنظور فإن من يعشمون في فعل يقوم به عناصر الجيش مثلا، خروجا على هذا النظام ضد قيادتهم المنقادة والمرتهنة لفلول الحركة الاسلامية، سيكون انتظارا للسراب البقيع، لا سيما بعدما تكشف وبوضوح انعدام الخطوط الفاصلة بين الجيش ومليشيات التنظيم وأجهزة أمنه الشعبية والخاصة التي احتازت مواقعها داخل إدارات الجيش واسلحته الضاربة، واحتقبت اسلحتها قبل وصول جنود الجيش لمواقعهم فجر ١٥ ابريل، وحينما كانت الاعتقالات تتم لقادة استخبارته وهيئة اركانه.
• لقد برهنت الأحداث ومحاولات ايقاف الحرب التي سعت لها الوساطات المختلفة سوأ كانت منبر جدة أو منظمة الايقاد ان الكلمة الاولى والأخيرة لفلول النظام البائد وقياداتهم، فما ان يتم التوافق على أي خطوة توقف الحرب، حتى يتم هدمها قبل ان يجف الحبر الذي كتبت به، وينفجر التصعيد في كل اتجاه.
• وما من شيء يكشف خبايا وخفايا ما تحيكه عناصر المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية، اكثر وضوحا من هذا التربص والاستهداف اليومي لكل قوى الثورة والقوى المدنية، في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش بل حتى تلك الخاضعة لسيطرة المليشيا، من قرارات بحل للجان المقاومة ولجان التغيير والخدمات، ومطاردة لعناصر تحالف الحرية والتغيير والقوى السياسية المختلفة مثل اعضاء الحزب الشيوعي والبعث والعاملين بالمنظمات.
• البعض من المثقفين صاروا مثل الخيول التي وضعت لها غمامة على أعينها، لا يرون ما يجري أمام ناظريهم من خروج سافر وفاضح لمخططات المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية للعلن، ولا كل تلك الانتهاكات الموجهة للمدنيين، كأنما كانت افعالا معزولة عن المجرى العام للحرب وأسبابها ودوافعها.
• وفيما يتعلق بالدعم السريع، فهو أسوأ وأضل، فهو لا يتمتع حتى بنظامية الجيوش المتبعة كمليشيا تمت محاولات لشرعنتها واكسابها قواعد القوة النظامية، وأساس نظام الطاعة فيها يقوم على أساس قبلي وعشائري ويرتبط بقائدها بشكل مباشر، وبذلك فهي الحامية لمصالحه والمدافعة عن امبراطوريته، وبداهة هي وارثة لكل اجرام الحاضنة التي رعتها وتشربت بمفاهيمها الشائهة، التي تتعارض جذريا وجوهريا مع مفاهيم حقوق الانسان وقيم العدالة واحترام الأخر، ومدافعة عن شرعية وجودها التي تتمثلها في قائدها.
• يكفي فقط الإشارة لكم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي تورطت فيها منذ اندلاع الحرب، وهي لن تكون سندا الا لدولة فاشية عرقية وحامية لمصالح القائد، التي لا سبيل للحفاظ عليها في ظل حكم مدني وديمقراطي، فهو قد بنى امبراطوريته بوضع يده على موارد الدولة بشكل فاسد، وواصل نهبه المنظم لها، بخلاف الجرائم التي تورطت فيها قواته والتي يتحمل مسئوليتها بشكل مباشر قبل الحرب وبعدها، ولا سبيل مطلقا لنسبها لمتفلتين.
• إن صحوة سودانية جماعية مطلوبة، وهي تعني فيما تعني، هجر المفاهيم الخاطئة والتوصيف الزائف للحرب وفهم دوافعها وأسبابها، وفهم أولي لكيفية التعامل مع أطرافها رفضا وتمسكا بعدم قبول أي أدوار سياسية مستقبلية لهم، جيشا أو مليشيات أيا كان نوعها وما سميت به، وأول الطريق هو نبذ الحرب بوضوح ودون أي لجلجة وذلك يعني موقفا قاطعا وواضحا رفضا لانتهاكاتها، ومحاصرة شاملة للمتورطين بدق طبولها.
• فلنبدأ نهوضا سودانيا كبيرا وشاملا بهدي من أهداف وشعارات ومبادئ ثورة ديسمبر، وبوحدة جماعية تتخطى صغائر الأمور وتوافهها لإدراك البلاد، فكل ما عدا ذلك ضرب من التهرب والتلاعب وهجر للبلاد لمجرمي الحرب القتلة، وعصاباتهم.
• كلمة أخيرة؛
اختا الرمله
ما تقع البكان الهش
…..
” الشاعر المجيد محمد طه القدال”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.