التفجيرات المزعومة !

0 74

كتب: زهير السراج

.

خرج علينا النائب العام متحدثا في مؤتمر صحفي أمس عن (ضبط متفجرات) تكفى لنسف ولاية الخرطوم، وأوحى للمستمعين بوجود مخطط إرهابي او تخريبي يستهدف البلاد، فاكتظت وسائل التواصل الاجتماعي والنشرات الاخبارية المحلية والعالمية بالحدث وزادت عليه بالشائعات والتحليلات، وكالعادة ابرزته قناة (الجزيرة) بشكل صارخ لعكس صورة قاتمة للأوضاع الأمنية في البلاد ..إلخ ولا يلومها احد فلقد وجدت الكرة مقشرة وأصابت المرمى !

* اعتقدت في بداية الأمر أن النائب العام سيحدثنا عن إحباط مؤامرة أو محاولة تخريبية والقبض على شبكة إرهابية أو تخريبية تتآمر لاغتيال بعض الشخصيات المؤثرة أو ارتكاب جرائم تخريب وارهاب وتفجيرات لإحداث فوضى في البلاد لتحقيق اهداف سياسية وافشال الفترة الانتقالية ..إلخ، ولكنني فوجئت به يتحدث عن ضبط كمية ضخمة من المواد المتفجرة والقبض على اربعين شخصا، لنكتشف أن ما يتحدث عنه النائب وضابط الشرطة الذى اعطى بعض التفاصيل الفنية ليس سوى ضبط مواد لديها استخدامات سلمية معروفة بحوزة عدد من الاشخاص، وهى عبارة عن مادة نترات الأمونيوم التي تعرف بـ(اليوريا) وهى مخصبات زراعية معروفة تستخدم في البلاد منذ عشرات السنين وتباع في الاسواق بآلاف الاطنان، ومادة الـ( TNT) ـ الديناميت ـ  التي تستخدم في تفجير الصخور لأعمال التعدين وتشييد الطرق وهى موجودة بكميات كبيرة في السودان وتباع في الاسواق لاستخدامها في مناطق التعدين الذهب!

* صحيح أنه يمكن استخدام المادتين في التفجيرات والمحاولات التخريبية، ولكن لا بد من وجود دليل جنائي على ذلك وغرض جنائي، ولا يمكن أن تُلقى القبض على أشخاص بحوزتهم مواد لها استعمالات سلمية مدنية وتباع في الاسواق بدون أن يكون هنالك دليل على وجود غرض جنائي، ثم تخرج في مؤتمر صحفي بكل هذا الصخب والضجة لتعلن عن “القبض على اربعين شخصا وكمية من المتفجرات تكفى لنسف ولاية الخرطوم”، وتُعرّض  سمعة البلاد للخطر بانها دولة غير آمنة فتضيف لأزماتها ومشاكلها ومعاناتها ازمات ومشاكل ومعاناة من نوع آخر خاصة في التعامل مع العالم الخارجي، ومن المؤسف ان الذى يفعل ذلك هو النائب العام بنفسه وليس وكيل نيابة حديث التعيين !

نخلص من ذلك الى الآتي:
1- لم يتوفر حتى لحظة انعقاد المؤتمر الصحفي ـ حسب حديث النائب العام ـ أي دليل جنائي او غرض جنائي للمقبوض عليهم، والمضبوطات مواد تباع في الاسواق بغرض الاستخدام كمخصبات (نترات الامونيوم)، او تفجير الصخور لأعمال التعدين (TNT ) ، وبالتالي لا يمكن القطع بوجود جريمة خاصة مع حديث النائب العام بإحالة الملف الى ادارة الجنايات للتحقيق والفصل في الموضوع، وهو ما يقودنا الى النقطة الثانية.

2- اذا لم تقطع النيابة والجهات المختصة بوجود جريمة حتى هذه اللحظة، فما الداعي لعقد مؤتمر صحفي بهذا الحجم واحداث حالة من الارتباك في الداخل والخارج بتصوير السودان دولة غير امنة ومعرضة للأعمال الارهابية في وقت نحن احوج الى الانفتاح على العالم، الأمر الذى يقودنا الى التساؤل:

3 – هل في الامر مسرحية  مثل (مسرحية اغتيال حمدوك) والترويج لوجود تهديد على الامن الوطني وبث الرعب لإحكام القبضة العسكرية على السلطة ووضع المزيد من الحواجز بين الحكومة والمواطنين؟!

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.