التطبيع: يوم تظاهرنا ضد كتاب إسرائيلي

0 77
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
أخذتني كلمة علق فيها أحدهم على حمي التطبيع مع إسرائيل الماثلة بقوله إن النظام العربي لثمانين عاماً قد انتهى ولا بواك عليه فلم يحقق شيئاً. وحين أرانا نتماسك الحزز مطبعين وروافض كالذي بين النور حمد واليسار الذي وصفه بالتكلس أقول: هل يقوم هذا الصراع عن وعي أم أنه بمثابة إرهاق غير خلاق. يصدر فيه المطبعون عن إرهاق حتى قال يوسف الكودة مرة والله فترنا من صراعنا مع إسرائيل. ويصدر الروافض عن ذاكرة ما. فاستعجبت لساطع الحاج لم يذكر في لقاء صحفي له فلسطين سبباً لرفضه التطبيع في حين ذكر لإسرائيل نوايا من التطبيع منها إقامة قواعد عسكرية على أرضنا وغيرها.
لا أعتقد أننا أحسنا خصومة إسرائيل حتي نستحق هذا النزاع حول التطبيع من عدمه. وهذا ما لفت إليه إدورد سعيد في كتابه “المسألة الفلسطينية” قارن فيه بين مقاومة جاءت على لسان فلسطيني في أول المواجهة مع إسرائيل وأخري. فقال الفلسطيني إنه والله بسوطي دا أزك عشرين يهودي قدامي. أما المقاومة الأخرى فكانت عن تعاقد جماعة ما على شغل مبدع ما. واستصفى إدورد المقاومة الأخيرة بالطبع. وبدا لي دائما أنه قلت بيننا المقاومة الأخيرة وكثرت الأولي.
وإن أنسى لا أنسى في هذا السياق يوماً لنا في نحو ١٩٦٠ بجامعة الخرطوم كنا فيها بسوطنا نزك عشرين يهودي قدامنا. فقد نظم اتحاد الطلبة مظاهرة إلي كلية الحقوق التي كانت شرقي مدرسة العلوم الرياضية الحالية لنحتج على وجود كتاب إسرائيلي المنشأ بمكتبة تلك الكلية. ولم يتفضل المكتشف بقراءته كما ينبغي لطالب علم. واختار بدلاً من ذلك أن يبلغ الاتحاد بالكتاب الدسيسة. وأخرجنا الاتحاد في تظاهرة صاخبة تطالب بإبعاد الكتاب من مكتبة الحقوق وإنهاء خدمة عميدها تورنبوم الحقوقي من أصل يهودي. وهو اليهودي من عشرين الذين زككناهم في ذلك اليوم الذي ابتئس حتى الثمالة ما خطر ببالي. ولا يعدل بؤسه إلا بؤس ذلك اليوم الذي احتشدنا فيه يساراً عريضاً في ١٩٦٦ لتائيد عبد الناصر في شنقه للمرحوم سيد قطب دعماً للنظام التقدمي في مصر. وكان أكثره كيداً للإخوان المسلمين من تولوا الانتكاس بثورة أكتوبر ١٩٦٤بكفاءة.
هذه مقدمة لكلمة كتبتها بحياة المرحوم محمد إبراهيم نقد، سكرتير الحزب الشيوعي السابق، دعا فيها إلى التبرع لدولة فلسطين الناشئة بعد لقاء له مع بعض الكتاب. وقلت فيها إن إسرائيل لم تعد كياناً عدوا في سقط لقط منا بل دخلت تدريجياً كعنصر مؤكد في سياساتنا الداخلية كما سنري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.