ربيع عبد الماجد.. فنان مترع بالاتزان الخلقي وقيم الجمال

0 146
كتب: طارق الأمين
.
بالأمس الحزين اتصل بي صديقي الفنان حاتم محمد علي ليخطرني بخبر فاجع يؤلم القلب ويدلق الذكريات. خبر رحيل الموسيقار الملحن والمخرج التلفزيوني ربيع عبد الماجد وياله من خبر حزين
عرفت ربيع في أواخر ثمانينات القرن الماضي وفي جحيم تسعينياته المظلمه حين أطل استبداد دوله الكيزان ليمحو كل جمال الحياه في السودان. كان ربيع ترسا إبداعيا طاردا للخوف والسأم ومناضلا لايشق له غبار من أجل سودان افضل وحياه كريمه لشعب السودان. ظل وفيا لما يعتقد وكريما لشعبه يعلى من شأن الالتزام القيمي والأخلاقي متسقا مع نفسه بشكل لايقارن يعيش فقر البلاد ومسغبتها ويقاوم ظلمها متبسما في وجه الجهل والفراغ في ظلمه الليل العريض حانيا على اطفالها ملهما لشبابها ومناضليها لا يتزحزح عن أسهامه الجمالي في رفد حياتنا بالأمل والصمود مثقفا بإتقان وحسن وملتزما طريق الثوره بإخلاص وتفاني دقيقا في مواقيته في الحياه وكأنه خلق كالساعه لاتكاد تلحظ له إخفاق في اللحاق بموعد أو خرق لاتفاق ثم إنه كان حفيا بالشعر والشعراء يجالس عثمان بشرى وعبدالله الزين وخالد عبدالله ثم يمضي مسرعا ليلحق ببروفه يقدس ميعادها أو يستعد لترتيب مشاهد فيلم تلفزيوني يكافح من أجل أن يرى النور في تلفزيون الطيب مصطفى البائس الحزين. يلقى بكلماته المهذبه في متناول الجميع ويمسك على جمر الأمل لسودان سعيد مهما تمددت العصابه في سعيها لاضطهاد الإبداع والمبدعين… كان ربيع واسطه العقد في كل مجمع للناس يقدم نفسه طواعيه للقيام بكل جهد ذو مشقه من أجل إبداعه… حفيا بالأفكار وصانعا للإبهار بلا كلل ودون تراخي وإحباط… شارك مع زميله وصديقه الفنان الهادي جمعه جابر ووليد وطارق ابوعبيده وعبد الوهاب وردي وإبراهيم الماحي واخرين وآخرين في تأسيس وبناء منظومه (ساورا) الغنائيه فادهشونا بكلمه شعريه شديده الاختلاف ولحن موسيقى يشدو بالتميز والاتساع يرتاد الازقه والبراحات معطونا برائحه السودان الشقي وكان يقدح ألحانه من دمه وأفكاره ملتزما صفوف الحزب الشيوعي العتيق مؤمنا ومجسدا لدور الفنان في ساحات النضال الوطني متواضعا يحب الجميع فيبادلونه الحب بلا قيد أو شروط
في سعيه سماحه السودانيين أجمعين وفي لطفه حكاويهم واهازيج البلاد الغارقه في الظلم والتعاسه… يجيب كل دعوه تأتيه من أهلها في تواضع رأيته في دعوه قدمها فنان الطمبور محمد جباره للاستماع لأعماله الجديده وفي اجتماعات تساند الأطفال فاقدي السند وحوارات من أجل الكتاب والدواء وإسقاط النظام… ياله من تناسق فكري ووجداني نادر الحدوث… كم حزنت الان حين تذكرت الهادي جمعه جابر… رفيق رحلته المجيده في دروب الهم العام… لاشك عندي أن الهادي واميمه رفيقه دربه لن يكونو من الوالغين في درب الحزن المدمر فهم يعرفون أن رفيقهم حفيا بالحياه وطاردا للسأم والحزن والانكسار… لابد انهم قد نهلو منه ذلك وسيلوذون بالصبر والنضال وفاءا لسيرته فقد مزق ربيع كل صحايف الحزن والضعف واهدنا طريقا جديدا عنوانه المعافره والصمود وبذل الطاقات الإبداعيه جميعا من أجل الناس… يا إلهي ياربيع… لقد تشاركنا نسج آخر أعمالك الفنيه فكانت ذلك النص الذي كتبته عن مأساه الفيضان فقمت بوضع ألحانه لتغنيه امال النور التي اعرف انها تفتقدك الان… تفتقد نبلك وتفانيك في تجويد أعمالك… كما تفتقد انسك ولطفك وجدالك البديع… كنا ننتظرك لنحتفي بالحريه والسلام والعداله لكنه موعد لايمكن تأجيله عند مليك مقتدر فنم هانئا بما تملك في قلوبنا من موده واعتبار وكن واثقا أن دربك قد عمه الناس من كل عمر وجيل وان (السايقه واصله) و(المبديه متمومه) والعشق أخضر والبلاد الحزينه محروسه بتروس من المبدعين الكرام منهم من قضى لحنه ومنهم من ينتظر ولاحول ولاقوه الا بالله… ربيع عبد الماجد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.