تنابلة البرهان !

0 71
كتب: زهير السراج
.

* لم يفاجأنِ تصريح وزير الاعلام بان مجلس الوزراء لا علم له بالزيارة التي قام بها وفد إسرائيلي الى السودان يوم أول أمس الاثنين (23 نوفمبر، 2020 ) ـ حسب راديو الجيش الإسرائيلي ــ فمتى كان مجلس الوزراء يعلم شيئا عن البلد التي سلمها للعسكر وصار (تنبلا للبرهان) ومجلسه العسكري؟!

* كلمة (التنبل) تركية الاصل، كما تقول الأستاذة (آمال عشماوي) في مقال بموقع (حارة المعرفة)، وهى تعنى الشخص الغبي الكسول الذى لا يهش ولا ينش ولا ينفعل ولا يغضب ولا يفهم ، ولا يفعل أي شيء!

* ولقد سمع معظمنا بقصة (تنابلة السلطان)، ولا بأس من روايتها مرة أخرى ، فلقد كان لأحد السلاطين ثلاثة أقارب يقيمون في القصر ينامون ويصبحون ويأكلون ويشربون بدون عمل أو وظيفة، وظلوا على هذا الحال سنوات طويلة، وفى أحد الايام رآهم وزير السلطان الذى تم تعيينه حديثا، فسألهم ماذا يفعلون في القصر، فأجابوا بأنهم يأكلون ويشربون من خيرات ابن عمهم السلطان، فقال لهم الوزير: “ألا تخشون أن يغضب السلطان عليكم يوما ويطردكم من القصر فتصبحوا بلا مأوى ولا طعام؟”، فنظروا الى انفسهم وقالوا له إنهم لم يفكروا في ذلك من قبل، فقال لهم الوزير: ” إذن اعملوا عملا ينفعكم ويحميكم من مكر الدنيا وشر السلطان”، فضحكوا بسخرية وقالوا: ” ما خلقنا الله لنعمل” !

* فهم الوزير انه لا فائدة من الكلام معهم، فتركهم وذهب الى السلطان وحكى له ما دار بينه وبين أبناء عمه، فأمر السلطان بمثولهم أمامه وجاؤوا ومعهم ثلاثة حراس، فقال لهم: ” نسيت سيفي في غرفة السلاح في قبو القصر”، وطلب من أولهم أن يذهب ويأتيه به، فأشار الى الحارس الذى يقف وراءه لإحضار السيف وظل واقفا في مكانه، وطلب السلطان من الاثنين الآخرين أن يقطعا شجرة توجد أمام بوابة القصر وتعترض طريق الرعية، فأشارا الى الحارسين لقطع الشجرة!

* قال لهم السلطان “هناك ثلاثة نوافذ غرفة نومى، أذهبوا وأغلقوها”، فطلبوا منه أن ينتظر حتى يأتي الحراس ويؤدوا المهمة، فأمرهم السلطان بالانصراف فقالوا له: ” سننتظر حتى يأتي الحراس ويفتحوا لنا الباب”!

* غضب السلطان ولكنه تمالك نفسه وقال لهم: ” إذا كنتم يوما في الغابة وهاجمتكم السباع، فماذا تفعلون؟”، فقالوا : ” هذا قدرنا”، قال لهم:” ألا تهربون أو تختبؤون؟”، فأجابوا:” كيف نهرب ونختبئ مما هو مقدر لنا؟”

* عندها التفت السلطان الى وزيره وقال له: “خذ هؤلاء التنابلة وأحفر لهم حفرة في الغابة وأدفنهم فيها”، فأخذهم الوزير الى الغابة وحفر الحفرة وعندما أراد أن يدفنهم، * مر رجل طيب القلب يبدو عليه الفقر وقال للوزير لماذا تفعل بهم ذلك، فقص عليه الحكاية، فقال له الرجل: اتركهم وأنا سآخذهم وعندي خبز يابس ينقعونه ويأكلوه”، فعرض عليهم الوزير ما قاله الرجل، فقالوا: ” ومن سينقعه لنا؟”، وفضلوا الموت بالدفن أحياء على بذل أي جهد !

* ويُروى أن أحد الولاة أمر ببناء دار للعجزة، وخصص لهم مبلغا من المال، فتسلل إليها العاطلون وجاء الوالي ذات يوم لتفقد الاحوال فرأى رجالا أصحاء كسالى يأكلون ويشربون وينامون ولا يفعلون شيئا، فأمر برميهم في النهر، فأخذهم الحرس وبينما هم في الطريق الى النهر مر رجل ثرى وسأل الحرس من هؤلاء، فحكوا له القصة، فقال الرجل انه سيأويهم طلبا للثواب، وان لديه بستانا كبيرا يربى فيه بعض الأبقار، ويعلفهم بالخبز اليابس، فليأت هؤلاء التنابلة إلى البستان ويسكنوا فيه، ويأكلوا من الخبز اليابس بعد نقعه في الماء، فوافق الحراس، إلا ان الرجال رفضوا وفضلوا الموت في النهر، وقالوا إن الغرق أحب إليهم من التعب وبل الخبز، فلقبوا بتنابلة السلطان !

* قلت ان تصريح الوزير عن عدم علمهم بزيارة الوفد الإسرائيلي لم يفاجأنِ، ولكنني بصراحة فوجئت بتكبده مشقة الاعلان عن الحقيقة التي يعرفها الجميع بأنهم تنابلة البرهان؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.