حديث المدينة … بقلم: عثمان ميرغني .. مقترح عبد الواحد محمد نور!

0 84

الأستاذ عبد الواحد محمد نور قائد حركة جيش تحرير السودان حاول اختراق المشهد السياسي السوداني بجرأة.. أحرز الهدف الأول من ركلة من منتصف الميدان بخطابه عبر “الاسكايب” إلى جماهير الثورة عشية الاحتفال بقاعة الصداقة يوم 25 ديسمبر 2019..

ثم أحرز الهدف الذهبي من تسديدة قوية عندما طالب بنقل المفاوضات إلى داخل السودان.. وأكمل الصورة الأستاذ محمد عبد الرحمن الناير الناطق الرسمي باسم الحركة الذي قال (نحن لم نحدد الخرطوم أو أية منطقة سودانية أخرى لتكون مقراً للمفاوضات، ويمكن أن تعقد في أكثر من منطقة بالسودان لا سيما المناطق المتأثرة بالحرب، وقرية الشيخ الياقوت تثميناً وعرفاناً للدور الوطني والإنساني الذي لعبه الشيخ الياقوت بإيوائه للطلاب السودانيين من إقليم دارفور بجامعة بخت الرضا الذين منعهم نظام البشير من دخول عاصمة بلادهم..)

رد الفعل الأول جاء من الأستاذ مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، وصف الأمر بأنه (مجرد مزايدة رخيصة، يلعبها من يسعى لإجهاض عملية السلام المنعقدة جوبا).

ولم يحدد مناوي كيف يكون (إجهاض عملية السلام) إذا نقل مقر المفاوضات إلى داخل السودان!!

في تقديري الكرة الآن في ملعب حكومة ثورة ديسمبر المجيدة، الأمر لا يحتمل مزيداً من هدر الوقت بينما الشعب السوداني كله ينظر إلى عقارب الساعة يحصي ما تبقى من وقت لصبره النافد تجاه عملية السلام التي تمتطي ظهر سلحفاة عرجاء..

لا بد من تغيير منهج وعقلية المفاوضات، بل وحتى تعريف كلمة (السلام) نفسها.. فالأمر لا يتعلق بوقف إطلاق النار فحسب، بل بضخ الحياة الطبيعية في كل مكان في السودان خاصة الأقاليم المتأثرة بالحروب.. و (ضخ الحياة) يعني أن يعيش المواطن هناك نفس الحياة التي يحياها أخيه المواطن في الخرطوم.. أن يستيقظ صباحاً ليرى أبناءه يذهبون إلى المدرسة وينتظر عودتهم بعد الظهر، ويجلس مساءً في ضوء الكهرباء بمنزله ليشاهد التلفزيون، ويتمتع بخدمات الماء النظيف وغيرها.. هذا هو السلام الحقيقي، وأي وضع دون ذلك هو مجرد حياة مجردة من حقوق المواطنة والكرامة..

ما الذي يمنع نقل المفاوضات إلى داخل السودان؟ أدرك تماماً أن السؤال له إجابتان واحدة معلنة والأخرى مستترة خلف ضمير يخشى أن لا تشمل فاتورة السلام (القسمة والنصيب) في السلطة أو الجاه أو الثروة أو كلها معاً.

في تقديري على حكومة الثورة أن تراجع منهج عملية السلام وتعيد هيكلتها بما يخدم قضايا المواطن السوداني حيثما كان، وأن تكون مباشرة في صميم ما تتطلبه إعادة هيكلة البلاد كلها وليس الأقاليم المتأثرة بالحروب..

هيكلة تعيد ترسيم السودان على أسس تلائم مطلوبات بناء دولة السودان الحديثة.

 

التيار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.