مجلس الشركاء..(ضارة نافعة)..!
هذا الرفض الجماعي الشعبي السياسي المدني الثوري لما جرى الإعلان عنه من جانب واحد بشأن مجلس الشركاء (مُختل التكوين منكور الصلاحيات) محطة هامة للآوبة إلى طريق الثورة.. وكما يقول الفرنسيون الثورة لا تصنع بماء الورد..بل إن ثورة ديسمبر بخاصة جرت صناعتها بدماء الشباب الزاهي في زهرة العمر وعنفوان الصبا.. الذين قدموا أرواحهم بفدائية ويقين وليس من باب الصدفة والمفاجأة والغدر المختبئ ..حيث كانوا يعلمون أنهم في وجه الرصاص وكثيرون منهم أعلنوا لمن معهم عن وصاياهم الأخيرة. وحركات الالتفاف على الثورة لن تجدي وهي غير مقبولة مهما كان مصدرها (فلا كبير على الثورة) ولا يمكن التنكّر للدماء وإضاعة الوطن وإفناء الشعب ووأد طموحه من اجل مناصب أشخاص أو رغبات ذاتية لمجموعة أو فرد.. وكان زعيم الهند غاندي يقول انه لم يكن يرغب في إكمال لعبة الشطرنج لكي لا يضطر إلي قتل جيشه من أجل إنقاذ الملك..!
السياسة في فترة الانتقال تحسب بموازين الذهب ولا تكال بعيار الأمباز.. كما أنها لا تُدار بإصدار الفرمانات من (الباب العالي) في يلدزا ذات القصور.. بدون مشورة وخارج التعاقد والتعاهد والدستور..! وعلى جميع الأطراف القيام بواجبهم (في ما يليهم) من مهام وواجبات.. وواجب القوات النظامية هي حفظ الأمن وحماية تراب الوطن من التغوّل والاغتصاب وصد العدوان الخارجي.. ودخول الإطراف النظامية في المماحكات السياسية أمر غير مرغوب.. فلكل مهمة وسائلها وكل كيان له أدواته.. ونحن في مرحلة استهلال ديمقراطية جديدة لا يمكن إفساد نسيجها بما يشبه ما كان عليه الحال في عهد المخلوع الذي كان يصدر قراراته حول شؤون البلاد والعباد (كما شاء له الهوى) ولا يبالي بوقعها عل كيان الوطن وأرواح الناس.. وهي قرارات مهلهلة النسج تكتسي بالجهل و(العنطزة).. فما كان له ولنظامه كابح من وطنية ولا شرف جندية ولا فكر سياسة.. إنما هو التجبّر المعطون في الفساد.. ومن كانت المطرقة أداته الوحيدة سوف يتعامل مع كل الأمور وكأنها (مسامير)..!
هذه هو الامتحان الذي لا عبور بالفترة الانتقالية من غير اجتيازه بحزم وإغلاق الباب على كل ما يعكر صفو الانتقال.. فقد انتهي عهد تدبيج القرارات بعيداً عن الأضواء.. والحرارة التي تذيب الشمع هي نفسها التي تجفف الطين.. ولن نفرغ من الحديث إذا شئنا استعراض الخلل الذي رافق إعلان تكوين المجلس بصلاحياته التي تم (ردمها) بغير حق على طاولته بما يخالف الاتفاق والوثيقة الدستورية ويجافي المهام الموكولة لمؤسسات الفترة الانتقالية.. ومن باب إحسان الظن لا نريد أن نذهب بالظنون والمؤشرات والنظر إلى الدوافع من وراء هذا الإعلان رغم (التشكيلة المستفزة) للمجلس ومهامه التي تسحب البساط من مجلس الوزراء وقوى التغيير ولجان المقاومة وشباب الثورة ومطالبها وتجعل من وجودهم جميعاً مثل الوجود الصوري لخيال المآتة و(البو المحشو بالقش) و(هنابيل الطير) و(عجل السامري) الذي يمر الريح من خلال تجاويفه فيصفّر و(يزمبر) من غير إرادته…!! في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح و(الني للنار) وما زال الطريق مفتوحاً للاتفاق والمراجعة البصيرة ووضع الامور في نصابها ..وعلى الجميع أن يدركوا أن التغيير الذي جرى في السودان تم بثورة حقيقية قل نظيرها في العالم.. ومن لم يدرك ذلك عليه أن يعيد البصر كرّتين. و(الميّه تكدب الغطّاس)..!!