رفع اسمنا من قائمة الإهاب الأمريكية وقانون الانتقال الديمقراطي: تبت يد المستحيل

0 79
كتب: د. عبد الله على إبراهيم
.
أذكر أنني جئت إلى مكاتب صحيفة الأحداث يوم توقيع اتفاقية السلام الشامل في ٢٠٠٥. ووجدتهم اختاروا لعدد الغد الخط العريض “تبت يد المستحيل” فرحاً بتوقيع السلام بين الحكومة والحركة الشعبية. وسألت عادل الباز إن كان بالصحيفة نسخة من رواية “موسم الهجرة للشمال”. وكنت أريد منها تحرير ونشر الفصل الساحر عن الحفل الاستثنائي الذي انعقد بين مسافري بصات خط أم درمان فرحاً بواحدهم الآخر في قلب الصحراء. وكنت عرجت على هذا الفصل في مداخلة لي بندوة بأمريكا بحضور الطيب صالح أدعو للصلح الوطني إسوة بالطقس الروحي الآسر الذي أبدعه قلمه. ولم يجدوا نسخة من الكتاب حاضرة. وبالطبع سجلت ذهنياً غيبة مثل هذا الكتاب في دار صحيفة مشرقة كالأحداث في مثل ذلك اليوم.
خطر لي عنوان جريدة الأحداث في يوم توقيع اتفاقية السلام ورأيت مناسبته خطاً عريضاً لصحافتنا في مناسبة رفع اسم وطننا من قائمة الدول الداعية للإرهاب الأمريكية. فقد أكملنا عدة الرفع ٤٥ يوماً بعد صدور القرار بالرفع من الرئيس ترمب وامتناع الكونغرس عن الاعتراض عليه. وتبقى أن يوقع ترمب عليه بصورة نهائية. تبت يد المستحيل وتب.
وترافق ذلك مع صدور قانون العشق الأمريكي للسودان عن مجلس النواب المسمى “قانون التحول الديمقراطي والمساءلة والشفافية المالية لعام ١٩٢٠”. وهو ٣٣ صفحة من تمني الخير لنا، والاستماته عنده، وتفتيق كل الدروب إليه، وحراسته، والإعانة عليه. وقد تستغرب للشعر الذي يخطه هذا الماركسي المغيرير عن أمريكا. وهو شعر في الوطن قبل أمريكا. فقد كدر الخاطر منا القوانين الفظة التي أصدرها نفس مجلس النواب عقوبة على السودان في كل منعطف من توحش الإنقاذ فيه واستهتارها بأهله سكرى بالسلطان. وكانت تلك القوانين تتنزل على وطني مثلى كالنصال لم يبق في الجسد موضعاً لمزيد. وتوسلنا للمعارضة من فرط الشفقة بالوطن ألا تنتهز سانحة سوء الإنقاذ فتحمل الدوائر الأمريكية المناصرة لها لتشديد العقوبة على الوطن. وأن تكون فيهم الرحمة. فصدر بحق السودان وعقوبته ١٨ قانوناً بين ٢٠٠٤ و٢٠١١ جرى التصويت على كثيرها بما يشبه الإجماع السكوتي. وبالمناسبة من تلك القوانين “قانون تحية جون قرنق في واشنطن” (٢٠٠٦ بدون تصويت). فسبحان مغير الأحوال.
سال مداد كثير عن ظن السوء بأمريكا وإن كانت ستفي بما وعدت. وقصد منه كثير من المخذلين الطعن في الثورة وسياساتها في الخروج للعالم من عنق زجاجة الإنقاذ بملكة على المساومة والمصابرة. ومن مساوماتها مثل التطبيع مع إسرائيل ما تقطع له كبد هذا الناصري القديم. ولكن صبرنا على مرائر كل هذه المساومة كان ذعراً من الأمر منه وهو أن نبقى في بيت الإنقاذ الكئيب. وحكم القوي على الضعيف.
ولم أر من هم أكثر طعناً في خطة الحكومة في مد الجسور إلى أمريكا من الإنقاذيين الذين حبوا بآخرة لأمريكا حبواً يسترضونها وما نالوا غير قبض الريح. وما أفسد مساومتهم أن اللوبي الأمريكي كان هو الحاكم في السياسة حيال السودان لا الحكومة.. فلم تشمئز أمريكا الرسمية من الإنقاذ على قبحها. فلم ترغب حتى في انفصال الجنوب على غير ما يشاع. وكان الانفصال وغيره هو إرادة لوبيات أمريكية مختلفة. وما قامت الثورة حتى أخلت اللوبي من كل حجة علينا ولم تعد يد الحكومة ممسوكة منه.
وتبت يد المستحيل. وليس قانون مجلس النواب مِنة. فلقد رأي والعالم منا طلباً للحرية نادراً على زمننا. رأي منا “وثوباً على الأذى”، كما قال بدوي الجبل، إلى الحرية. لقد كَحَلنا عين العالم بما ذكرهم ب”ساتياقراها” غاندي وهي قوة الحق. ومن لا تكلب شعرة جلده وهو ير شعبنا في الاعتصام يفدى الحق كما فعل، ويضرجه، ويغنيه، ويرسمه، ويصلى له.
وعندك هات ما عندك خد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.