وإنه من الشعب السوداني مع السلام.. تاجُنا الأبقى وتندك العروش

0 85
كتب: البراق النذير، المستشار الصحفي لرئيس الوزراء
.
نحن الشعب السوداني بوحدتنا ووحدتنا فقط، وبجميع مكوناتنا وأعراقنا وسحناتنا من الشرق والغرب والجنوب والشمال والوسط، بعد نيلنا الاستقلال وتسنُّم الحكم الوطني، حققنا ثلاث ثورات على الشيوع، وبينهم انتفاضات غراء، متشابهات غير مشتبه فيهن، وكانت القرابين شهداء وجرحى، والتضحيات أرواح وغرقى، والشواهد والأطراف المبتورة والعيون المفقوءة والندوب شواهد، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيكفرون بقدرة الشعب والشعب من قبل ومن بعد راسخ.
كنا في كل ثورة نخرج موحدين وبسلمية، كتوفنا متلاحقة، ومناكبنا متراصة وصفوفنا مستوية، وهتافنا صميم، صدورنا عارية وجلودنا للأرض إن تغطَّت بالجور أديم؛ قلوبنا مليئة بعقيدة الوطن وفارغة من الوجل إلا اللمم. نجلد الجلاد ونغيظ المعتدين بقوة صوتنا ووضوح صورتنا وبالغ عزيمتنا، سلميين غير مخربين ولا فاجرين، ونستهزئ من بطشهم وهم بما لديهم فرحون. نبكي مرة ونحزن مرات، ونهرول لنجدة هذا ومساعدة ذاك نهارا، وينجدنا هذا ويسعفنا ذاك، وينقذنا من المطبَّات من لم نعرف له سميا؛ وعند الليل نأنس للحكي واستذكار الصدام ولحظات الملحمة أليمها وكريمها، والنمنمات والطرائف واللطائف، ونضحك ملء الأشداق رغم الجراح، ثم ننهض لإشعال الشوارع في المساءات بغتة، وهكذا نُعبئ للصباح من مؤونة الليل، ونروي غرس المقاومة من كأس الترح وعصير الفرح، فنحن ليل النضال ونحن ضحاه.
لم تأتِ ثوراتنا إلا ضد الظلم والاستبداد، ولم تخلُ هتافاتنا من صنيعٍ إبداعي منماز، وبعض ما صنعنا صار تيراباً للجيران، وتعلق طيب ريحه بأنوف الشعوب، فمنهم من صنع بعد سنوات وبجهد، ما زيَّن موائدهم وأغنى سيرتهم، فإن تخطفها الطير عرجوا على كتابنا يستذكرون، وكتابنا مفتوح ومتاح غير محدود الصفحات، ففيه نكتب ونزيد ومنه نستحضر ونستزيد.
نحن شعب السودان في البوادي والقرى والحلال والفرقان والكراكير والرواكيب والحضر، من السهول والهضاب والوديان وجوار النهر وبين الجبال وسفوحها والقمم، لنا في دفتر التاريخ فصول، ولنا بين الشعوب الصدور، وكلما أتى على دوحتنا الجدب ونبت في جنبها العوير والعُشر والدمسيس، انتفضنا ونفضنا، اجتثثنا وبترنا، وقلبنا التراب بأيادٍ تشققت وقلوب تشفَّقت على بلادنا، شتلاتها الفتية والبذور؛ روينا أرضها بالدم والعرق وما فترنا، بل فتر الصبر ثم عاودنا المثول، نهضة نادت فتاة حرة وفتى كي يحملا مشعلها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.