كريندينق .. مجد افل وحاضر دامي

0 208

 

قبل قرن من الزمان ، شهدت منطقة كريندينق ( شجرة الجميزة الكبيرة ) بولاية غرب دارفور معارك طاحنة بين دولة فرنسا العظمي و سلطنة دار مساليت  التي تقع بين دولتي السودان وتشاد كمملكة مستقلة ذات أراضي وسلطة . تلك المعارك جعلت من منطقة كريندينق ( الان اكبر معسكر للنازحين بولاية غرب دارفور )  عنوان للبطولة والمجد .

فبعد ان اكتسح الفرنسيون غرب إفريقيا كلها متوغلين داخل القارة حتى بلغوا تشاد (سلطنة وداي سابقاً) ، وذلك في سباق السيطرة علي المستعمرات مع غرمائهم الإنجليز القادمين من الشرق والشمال الشرقي ، فكانت المواجهة مع أصحاب الأرض والسلطنة .

معركة كريندينق الأولى

تحركت القوات الفرنسية بقيادة الكابتن (نقيب) فلقنشو Jean-Joseph Figenshu بقوة معدة إعداداً جيداً. ومسلحة بأحدث الأسلحة الأسلحة النارية وقتها. وذلك بعد إحكام سيطرتها على تشاد, قاصدة أراضي السودان في دار مساليت المتاخمة لشرق تشاد. فتصدى له المساليت بقيادة السلطان تاج الدين ، سلطان دار مساليت قائداً جيوشه بنفسه. وكان تسليحها مكوّناً من الحراب والسيوف والسكاكين و السفاريك (واحدها سفروك، وهو عصا منحنية مشحوذة الأطراف. تقذف على الهدف).

ودارت بينهما معركة شرسة ،مزقت فيها مدافع الفرنسيين أجساد الأبطال ، ولكن رغم ذلك انتصرت حنكة القيادة وعزيمة الرجال على قوة السلاح وحداثته. وغنم المساليت أسلحة كثيرة. وأبادوا الحملة عن بكرة أبيها، بما فيها قائدها الكابتن مول، وهزت أخبار تلك المعركة كما سلف العالم المتحضر في أوروبا. ودارت مطابع الصحف بالكاريكاتيرات الساخرة من الجيش الفرنسي العريق المنهزم في إفريقيا.

معركة كريندينق الثانية

كان وقع الهزيمة مؤلماً ومراً على قادة فرنسا، الذين واجهوا ضغوطاً شديدة من الشعب لرد الهيبة والاعتبار للجمهورية العتيدة. فجردوا قوةً أخرى أكبر عدةً وعتاداً. وانتدبوا لقيادتها قائداً أعلى رتبةً ومقاماً وحنكةً، هو الكولونيل (عقيد) مول Henri Moll.

وتحركت الحملة إلى دار مساليت في 9 نوفمبر نفس العام 1910 والتحمت مع جيش المساليت في سهل دروتي غرب دار مساليت. وكان المساليت قد أعدوا عدتهم بأسلحتهم التقليدية المعتادة, إلى جانب الأسلحة التي غنموها من “معركة كريندينق”. وشاركت في هذه المعركة كثيرٌ من القبائل التي تتألف منها دار مساليت تحت قيادة السلطان تاج الدين. كانت المعركة أكثر ضراوةً لكبر الجيشين وحسن إعدادهما. وسالت دماءٌ غزيرةٌ. واستشهد السلطان تاج الدين وعدد من أبطال دار مساليت. وانتهت المعركة بانتصار جيش دار مساليت للمرة الثانية نصراً مؤزراً على دولة فرنسا .
بعد ان ال حكم دارفور للحكم المصري الإنجليزي بعد مقتل علي دينار سلطان دارفور في ١٩١٦ م ، أنضمت مملكة المساليت السودان بحكم اتفاقية بين الإنجليز و سلطان المساليت ، لتقرر السلطنة مستقبلها السياسي بعد مائة عام وفق الوثيقة .

بعد استقلال السودان في عام ١٩٥٦م أصبحت السلطنة إداريا تتبع لإقليم دارفور، وفي عهد نظام الانقاذ البائد قسمت دارفور لخمس ولايات ، و صارت الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور ، ومنطقة كريندينق وحدة إدارية تتبع لها .

 

صورة السلطان تاج الدين إسماعيل ، توفي في عام ١٩١٠ م

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.