من هنا وهناك.!

0 75

كتب: د.مرتضى الغالي

.

لا بد من الاستجابة لصوت الشارع الثوري فلم يخرج الناس عبثاً في ذكرى الثورة.. وقالوها صريحة إن خروجهم لم يكن احتفالاً بالثورة مع أحقية الثورة بكل احتفاء وتكريم..وإنما خرجوا ليؤكدوا إصرارهم على تنفيذ مطالبها مطلباً مطلباً.. ولا يمكن إنكار أن الجماهير أحسّت بشيء من الضيق من بطء عجلة العدالة والتأخير في محاكمات مُجرمي الإنقاذ وسلحفائية سير التحقيقات في جريمة فض الاعتصام وجريمة خرق الدستور وجرائم السرقات الكبرى والمذابح والتعذيب الوحشي.. ومع ذلك أطلقت الجموع سيد شعارات الهبة الديسمبرية (الجوع ولا الإخوان) فألجمت المتربصين الذين يريدون أن يدخلوا على الثورة من باب صفوف الخبز وشح البنزين وغلاء المعيشة..! يجب أن يكون لهذه الموجة من طوفان الميادين مردودها في دوائر سلطة الانتقال وأن يقبض كل مسؤول على مهام واجبه بجدية أكبر واجتهاد أعظم وعدم الاستجابة لصياح الإنقاذيين أو تعويقات الشركاء..وإذا حدث ذلك يجب مصارحة الجماهير مباشرة.. فلا كبير على الحساب ولا عمل في الخفاء ولا سبيل للمقايضة بمطالب الثورة ..وبعدها ليحدث ما يحدث.. فالثورة طريق لاتجاه واحد ولا يمكن أن يختفي أي شخص خلف منصب أو جماعة أو هيئة أو مؤسسة أو أن يتغوّل على حقوق المناصب الأخرى ..

وقد سمعنا قبل أيام من قاضٍ رزين يحتل موقعه في قلب الثورة وهو يتحدث بالأدلة والحيثيات عن تدخلات سابقة من رئاسة مجلس السيادة سمحت بإطلاق سراح مجرمين إنقاذيين؛ ويجب ألا يتكرر ذلك مع تصحيح المثل السوداني (حيث يجب إعادة الجفلن مع قرع الواقفات) ولا يمكن القبول بأن ديوان النائب العام تلقى أوامر من سلطة أعلى فأطلق السراح..لأنه لا شفاعة مع الإجرام ولا تهاون في العقاب ولا إطلاق سراح إلا عبر القضاء وحكم البراءة..

والانطباع السائد لدى الشعب ولدى الحقوقيين وروابطهم وهيئاتهم أن هناك مشكلة كبيرة في جهاز القضاء؛ وأن روح الثورة لم تدخل إلى هذا الجهاز.. ونحن نتكلم هنا عن إدارة القضاء فلا يمكن أن تكون الثورة قد أتت برئيس قضاء ليحرس القضائية (على ما هي عليه) كما كانت في أيام الإنقاذ.. فهناك فرق كبير بين استقلال القضاء وبين ترك التمكين كما هو في جهاز القضاء ثم إغلاق العين وسد الأذن عن صيحات الشعب الذي يطالب بتحريك دولاب العدالة ومحاكمة أصحاب الجُرم المشهود انطلاقاً من مبدأ أن العدالة المتأخرة نوعٌ من الظلم وإهدار الحقوق..! لا بد أن تتحرك كل الدوائر في الحكومة المدنية بتناغم وهمة وانضباط..

ونحن نتحدث فقط عن نماذج من البطء غير المستساغ في أكثر من جهة ومؤسسة وإدارة وقطاع.. فمثلاً لا معنى أن تتأخر وزارة المالية أو مجلس الوزراء مجتمعاً في إيجاد آلية لإدارة الأموال المستردة طرف لجنة إزالة التمكين.. فإذا كان الأمر كما أعلنت اللجنة هل يعقل أن يتأخر تكوين مثل هذه الآلية ولو ليوم واحد مع أول دفعة من الأموال المستردة..؟!

لا بد أن تستعيد حكومة الثورة قوتها وعنفوانها فهي حكومة لا زال الشعب يحميها ويؤيدها ويمنحها ثقته في كل مرة.. ونعيد القول بأن صاحب العمل هو الشعب والحكومة هي خادمته.. ومرجعيتها دماء الشهداء وليس صناديق الاقتراع.. فمن البداهة أن تستجيب للشعب ومطالبه ولا نظن أنها غافلة عن هذه الحقيقة.. ولكنها (صموتة) ويشوبها بعض البطء وعليها أن تتحرك باستجابة أقوى وحركة أسرع حتى يخرس أزلام الظلام وأصحاب الكيد الخفي..!

– تحية خاصة إلى ست الشاي قارئة صحيفة الديمقراطي فاطمة صالح في شارع القصر شرق فندق فيكتوريا التي نقل إلينا الصديق فيصل حسون تحيتها للصحيفة ومحرريها..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.