اعلان “مقاطعة الجزيرة” !!
كتب: عثمان ميرغني
.
أربع سنوات فقط تبقت ويكمل “مشروع الجزيرة” بالسودان 100 عام من عمره المديد بإذن الله، ألا تستحق المناسبة أن تكون ميقاتا لإكمال تنفيذ خطة جريئة وطموحة لنهضة تقفز بالمشروع إلى آفاق جديدة.
مساحة مشروع الجزيرة أكثر من تسعة آلاف كيلومتر مربع ( تقريبا تعادل مساحة دولة لبنان )، في قلب السودان بين النيلين، والنظرة الطموحة للمستقبل تتجاوز مجرد المنافع المباشرة في المحاصيل التي تزرع فيه والعائد على المزارع وأسرته إلى آفاق ترتبط بمصالح قومية سامقة..
خطة تطوير مشروع الجزيرة حتى عيده المئوي يجدر أن تشمل انشاء مدن جديدة بمعايير ومواصفات عالمية حديثة، من حيث التخطيط والبيئة والخدمات والمرافق. هذه المدن ليست مجرد مستعمرات سكنية لاحتواء الطفرة الهائلة في سكان المشروع فحسب، بل و لخلق أسواق ومناطق استهلاك قريبة تساعد في رفع العائد من الزراعة بشقيها النباتي والحيواني. كما تساعد هذه المدن في توفير عمالة لبناء قاعدة صناعات تحويلية وغذائية تجعل من مشروع الجزيرة هولندا السودان.
مثل هذه الخطة تتطلب اعادة هيكلة ادارة المشروع، فما عادت متلازمة “مجلس ادارة + محافظ” كافية لتحقيق مثل هذه الخطة الجريئة، فالمطلوب تحويل مشروع الجزيرة إلى ما يشبه السلطة الاقليمية المستقلة، بعبارة أخرى، استحداث قانون يجعل المشروع سلطة ادارية للمنطقة بكاملها التي يتمدد فيها المشروع تتولى كامل ادارة الانسان والأرض والأصول.
ولتحقيق ذلك من الحكمة تغيير الاسم، فكلمة “مشروع” عادة تمنح الاحساس بعمل بدأ ولكن لم يكتمل Project، وحتى الترجمة الانجليزية المستخدمة حاليا “Scheme” والتي حاولت الالتفاف على المعنى المباشرة لكلمة “مشروع” لا تحقق الوصف الدقيق لهذا العملاق الذي يعتبر أكبر مزرعة مروية في العالم تحت ادارة واحدة.
أقترح أن يتحول الاسم ليصبح (مقاطعة الجزيرة) وبالإنجليزية Gezera County بقانون خاص يسمح لإدارة المقاطعة أن تتمدد سلطتها فوق المناطق التي يخرج فيها حتى عن حدود ولاية الجزيرة.
بهذا التوصيف الجغرافي لمقاطعة الجزيرة يصبح المنصب التنفيذي الأعلى فيها بمسمى “رئيس مقاطعة الجزيرة” ليقود جهازا اداريا كاملا يضم حتى الخدمات مثل التعليم والصحة وغيرها. بجانب “مجلس المقاطعة” الذي يمثل الجهاز التشريعي والرقابي لمقاطعة الجزيرة.
ادارة المقاطعة تتمتع بسلطات واسعة تسمح لها ببناء منظومة المدن وشبكات الطرق والطاقة والسكك الحديد المحلية داخل المقاطعة بجانب المرافق الخدمية مثل مؤسسات التعليم والصحة والترفيه و غيرها.
ويمكن أن تستقل بقانون خاص للاستثمار يلائم المقاطعة وتكوينها المعتمد على الزراعة النباتية والحيوانية والثروة السمكية ومنتجات النحل وغيرها.
كل المطلوب لتصميم هذه الخطة الجريئة والطموحة هو أن نعمل بمبدأ “التخطيط بالآمال لا بالآلام”، فعقلية التخطيط لا تئن ولا تتوجع من واقع الحال الواقع، بل تنظر بعين الأمل للمستقبل الناهد الذي ينتظر شعبنا الكريم صاحب هذه الأرض وثرواتها..
بسم الله نبدأ وعليه توكلنا..