أصداء و تعليقات.. وزيرة الخارجية!

0 61

كتب: عثمان ميرغني

.

من صدى وسائط التواصل الاجتماعي، يبدو أن تصريحات الدكتورة مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجية في المؤتمر الصحفي بالقاهرة أمس الأول أثارت عاصفة من الاستياء والغضب بدرجة كاسحة وسط قطاعات الشعب السوداني.. ولكن لفت نظري أمر يبدو مثيرا للانتباه.
غالبية التعليقات فيها احساس الخيبة بحجم العشم الذي يتبدد مع أول خطوة للوزراء الجدد.. فأول من تولى وزارة الخارجية بعد الثورة كانت السيدة أسماء عبد الله في زخم تفاؤل ودعم كبير للحكومة، وتعرضت لنفس العاصفة مع أول حوار اعلامي لها بقناة بي بي سي العربية.. والآن في أول مؤتمر صحفي لوزيرة الخارجية الثانية في الثورة، تبدو الأخطاء أكبر لأنها هذه المرة تصادم الواقع الذي فرضه الجيش السوداني بإعادة انتشاره في أراضي سودانية كانت مجموعات اثيوبية تمارس فيها الأمر الواقع بوضع اليد والتمادي في قتل المزارعين السودانيين في توسع استيطاني تدريجي التهم أكثر من مليون فدان في الفشقة.
التعليقات أثارت التساؤل الملحاح عن المعايير التي تستخدم لاختيار الشخص المناسب للمنصب المناسب، وهل كُتب على السودان أن يمارس التجريب و تعلم الحلاقة فوق رؤوس اليتامى؟ أم الأفضل التركيز على عجم سهام الكنانة سهما سهما قبل وضعه في القوس.
وفي تقديري؛ مهما كانت ردود الفعل الجماهيري غاضبة وثائرة ضد الأخطاء التي ترتكب في قضايا ومواقع لا تحتمل الخطأ إلا أن الأمر لا يرتبط بالأشخاص بل بالمؤسسات. التعويل على الأشخاص مهما كانت قدراتهم ومؤهلاتهم و كسبهم النضالي يجعل الوطن هبة التغيرات التي هي سنة الحياة من شخص إلى آخر.. من سلف إلى خلف.. فمن الحكمة أن نعزز سلطة المؤسسات ونعول على المؤسسية فحتى لو انتجت بعض الأخطاء فـ”السيستم” يعالجها ويكتسب منها خبرة للمستقبل.
في وزارة الخارجية؛ المشكلة في غياب “المؤسسة” التي تصنع الأهداف الاستراتيجية ثم تبني عليها السياسة الخارجية ، ليصبح العمل من أعلى قمة الوزير إلى أخمص قدم أصغر موظف في الدبلوماسية السودانية سهلا ميسورا لأنها مدروس وفي سياق متصل يتوارث الخبرة من النجاح والفشل معا.
ما يسري على وزارة الخارجية، يسري على بقية الوزارات والمؤسسات، فالارتجالية شاخصة بقوة.. إدارة الدولة تبدو في حيز “الهواية” لا ” الاحتراف” بدرجة مخيفة تحتم القلق على مستقبل السودان كله وليس وزارة واحدة.
في تقديري العلاج الأمثل هو اعادة توصيف “وظيفة الوزير” بدقة، فحتى الآن – و عبر كل النظم السياسية السابقة- الوزير هو ذلك النبي الملهم الذي لا ترى الوزارة إلا ما يرى، وبعثته الحكومة ليخرج الوزارة من الظلمات إلى النور.
يجب اعادة هيكلة الدولة ليصبح الوزير هو مجرد الممثل السياسي والسيادي للوزارة لا يحرك جنيها ولا يفصل ولا يعين موظفا إلا من خلال النظام وتراتبية القرار في الوزارة.
ويصبح بذلك الوكيل هو سنام السلم الوظيفي، و الـ” قريت بيم” الذي يحفظ استقرار المبنى، واستمرار الخبرة المتراكمة للمؤسسة وليس للوزير وحده.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.