( فيديو كليب!!)

0 49

كتب: عثمان ميرغنى

.

تابع معي هذا الفيديو كليب الذي أنتجته لكم من وحي برنامج يوم عمل حكومي واحد فقط، وهو يوم أمس الأول الإثنين..

اللقطة الأولى؛ وفد من شخصيات مرموقة من مجتمع مدينة القضارف يزور الخرطوم، يظهر الخبر في الإعلام الرسمي، وفد أهلي من القضارف يلتقي بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وينقل له سوء الأوضاع في القضارف بعد أن دخلت أزمة مياه الشرب شهرها الثاني..

اللقطة الثانية: مؤتمر كبير وخطير بقاعة الصداقة.. كبير لأن  الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي شخصياً خاطب جلسته الافتتاحية.. وخطير لأني رأيت في بوابة قاعة الصداقة عربتين مدرعتين يعلوهما المدفع “الدوشكا” وترتيبات أمنية أخرى.

في اللقطة الأولى، لا يعرف أحد أين السيد والي القضارف، فالوفد الأهلي تحرك من القضارف وقابل البرهان رأس مجلس السيادة، فلا الوالي ولا حمدوك في الخبر..

في اللقطة الثانية: في المؤتمر الزراعي ، حمدوك  في خطبته أمام المؤتمر يدعو الشعب السوداني للعودة إلى الريف.. والريف المقصود هنا ليس الريف الشمالي لأم درمان ولا الجنوبي للخرطوم بحري في العيلفون.. الريف المقصود هنا هو مناطق ربما لا تُرى بالعين المجردة في خريطة السودان.. فإذا كانت مدينة مرموقة مثل القضارف سكانها يزورن القصر الجمهوري ليشتكوا من غياب مياه الشرب للشهر الثاني، فكيف بالريف الذي لا يُرى بالعين المجردة؟ ليس الماء، بل كيف التعليم والصحة ؟

في اللقطة الثانية بقاعة الصداقة: ولزوم الربط بالماضي والتاريخ؛ ربما يمكن للمُخِرج أن يظهر صورة قديمة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حيث كانت الحكومة تمارس “كشات” في شوارع العاصمة وتقبض على كل من تظهر عليه علامات الريف (في ذلك الوقت كانت علامات الريف ظاهرة، مثلاً شاب يتفرج على إشارة المرور مندهشاً من تغير ألوانها، هو هدف مشروع للكشة).. وكانت “الكشة” تأخذ من تلقي القبض عليهم وترميهم في “الريف”.. وقبل أن تعود شاحنات “الكشة” يعود المكشوشون إلى مواقعهم في العاصمة سالمين..

من واقع الفيديو كليب، في اللقطة الأولى والثانية، تبدو المسألة أكثر من واضحة،  الريف في نظر الحكومة “شرط جزائي”  كلما تضجر الشعب السوداني من الأسعار والأوضاع (طبعاً في العاصمة فهي حدود سمع وشوف الحكومة).. وسبق لأكثر من والٍ في الخرطوم أن طالب أهل الريف بالعودة من حيث أتوا..

بل هناك والٍ بلغت به الجرأة أن يسأل جهراً (من الذي أدخل أم بدات والكلاكلات والدروشاب في حدود ولاية الخرطوم؟)..فهذه الأحياء – في نظر المسؤول- هي أيضاً تنطبق عليها الدعوة للعودة إلى الريف.

الصورة تبدو مقلوبة تماماً، الريف السوداني هو الأجمل والأفضل طقساً، والأكثر موارداً ومع ذلك تعاني بلادنا من هجرة الأثرياء قبل الفقراء.. فالملاحظ أن الأثرياء في مدن السودان هم من يتركونها قبل الفقراء ويهربون إلى العاصمة حيث الخدمات والمدارس والمراكز الصحية والجامعات ومراكز التسوق، باختصار حيث الحياة أفضل.

الدعوة للعودة إلى الريف يجب أن توجه للحكومة، ويجب على رئيس الوزراء أن لا يسمح بصرف دولار واحد في العاصمة – محل الاستهلاك – وتحويلها كلها إلى الولايات حيث الإنتاج.

والأفضل أن تعود عاصمة السودان أيضاً للريف، فتصبح مدينة الأبيض عاصمة السودان.. فهي في الوسط بل في قلب السودان تماماً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.