(كلام ساكت!!)

0 41

كتب: عثمان ميرغنى 

.

الراحل الصحفي حسن مختار اشتهر بنقده اللاذع باستخدام عبارات مختصرة مشبعة بالمعاني، كانت مسرحية أعتقد اسمها “أحلام محمود” تعرض بالمسرح القومي فكتب معلقاً عليها (محمود لا يعرف كيف يحلم..).

أمس؛ تابعت عبر تطبيق “زوم” ملتقى الأعمال والاستثمار الأمريكي السوداني والذي شارك فيه الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي والدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية و آخرون يمثلون مختلف القطاعات.

حمدوك – كالعادة- مُرتّب وحاضر الذهن في إفادته ثم إجاباته على الأسئلة، أوضح الصورة الحالية للسودان بعد عبور حاجزين مهمين، قائمة الدول الراعية للإرهاب واستعادة التعامل الطبيعي مع البنك الدولي في الطريق الصاعد لإعفاء تقريباً كل الديون الخارجية على السودان.

و جبريل، أيضاً، قدم صورة واضحة عن موقف الاقتصاد السوداني حالياً.

لكن لفتت نظري ملاحظة مهمة؛ د. حمدوك قال أن توحيد سعر صرف العملة السودانية يوفر للمستثمرين قابلية “التوقع” Predictability ، بمعنى أن استقرار العملة يرسم خطاً بيانياً واضحاً يسمح بالتخطيط السليم لإنجاح المشروعات.. ولكن!!

من خلال كل ما طُرح في الملتقى أمس لم ألمح “توقعات” المستقبل أو فلنقل “أحلام” الدولة السودانية.. جُل الحديث بصورة مرهقة تركز حول شرح ماهو معلوم بالضرورة عن الأوضاع الراهنة في مختلف القطاعات، وهي أوضاع لا تحتاج إلى شرح على رأي النكتة الشهيرة للرجل الذي ألقت السلطات القبض عليه وهو يحمل منشورات بيضاء ليس عليها كتابة وكان تفسيره أن الحال لا يحتاج إلى كتابة.

في الخاطر الحكومي، أين المستقبل؟ بصراحة لم أستطع رؤية حتى المستقبل القريب جداً ربما ما بعد عيد الفطر المبارك.. وهذه الملاحظة ليست في المتلقى الأمريكي السوداني فحسب بل عموماً؛ تتجنب الحكومة الخوض في الحديث عن المستقبل وكأنما هو من المحرمات.. ولا أجد تفسيراً لذلك إلا من خيارين:

الأول: هو على رأي الراحل حسن مختار، الحكومة لا تعرف كيف تحلم.

الثاني:قناعة الحكومة بلا جدوى التخطيط واستراق النظر للمستقبل.

الدكتور جبريل إبراهيم قال ( نحن نتطلع لشراكة استراتيجية مع المستثمرين)!! يجدر بالسيد وزير المالية أن يوضح كيف؟؟ كيف لشراكة استراتيجية مع المستثمرين والحكومة لا تستطيع قراءة كف ما تبقى من العام 2021 فضلاً عن خطة استراتيجية.. من الحكمة أن تدرك الحكومة أن أول أركان النجاح في إدارة الدولة هو القدرة على “الأحلام”، الخطوة الأولى نحو صناعة المستقبل هو القدرة على التوقع أو “الأحلام” بمبدأ مارتن لوثر كنج “لدي حلم” I have a dream

سفير السودان بواشنطون السيد نور الدين ساتي قال (السودان مفتوح الآن لاستقبال الاستثمار).. فيجدر السؤال ( بأمارة إيه؟) هل يعلم السفير ساتي أن تسجيل الشركات في السودان شبه مُعطّل؟ المحظوظ هو من يستطيع تسجيل شركة في أقل من ستة أشهر.. فما معنى (السودان مفتوح للاستثمار)؟

المسافة الفاصلة بين ما يقوله مسؤولو الحكومة والواقع على الأرض يشكل مقياساً دقيقاً للمصداقية عند المستثمرين ، خاصة الأجانب..

فبالله عليكم، ما تقولوا (كلام ساكت)!!

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.