نداء — نداء — نداء

0 67
.

إلى:
— الأهل فى مجتمعات دارفور المختلفة، والذين قدموا ثلاثمائة ألف من شهداء الإبادة الجماعية، وعشرات الآلاف من المنتهكة إنسانيتهم، بمهانة الاغتصاب، وسكن معسكرات الذل والهوان، فى النزوح القسرى واللجوء الإجباري، وفى الشتات والمهاجر.
— إلى أبناء النازحين واللاجئين والمهجرين الذين احتضنوا الحديد، وافترشوا الغبراء، والتحفوا السماء، وعرفوا ألم امتصاص القصدير فى المعارك، وقدموا آلاف الشهداء الأعزاء من الرفاق، على مدار سنوات القتال من أجل التغيير، الذى يأتي بالعدل، والحقوق المهضومة، من المركز الحاكم فى الخرطوم.
— إلى عموم الشعب السوداني، الذى فقد ثلث وطنه ومواطنيه، نتيجة لتعنت مديري الاستعمار الداخلي فى الخرطوم، ولمدة خمسة وستين عاماً، من عمر سودان ما بعد رحيل الاستعمار الأجنبيز
— قادة الحركات المسلحة فى عموم السودان، من وقع على اتفاق ومن لم يوقع، أو لم يدخل فى تفاوض بعد.
١. مقدمة:
— فى اليوم الخامس من فبراير ١٩٩٤، وقفنا مع المناضل المرحوم أحمد إبراهيم دريج، فى القاعة الكبرى، بمدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة لندن، فى مؤتمر صحفي، حيث أعلنا عن قيام التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني، وقدمنا كتيب إعلان مبادئه كتنظيم معارض لما يجري فى السودان حينها. وقد أودع السيد أحمد إبراهيم دريج نسخة من كتيب الفدرالي فى سفارة السودان بلندن، لإيصالها إلى حكومة الخرطوم، مساهمة منا فى حل أزمة السودان المستفحلة، بطريقة سلمية، ولكن لا حياة لمن تنادي، وإنك أسمعت لو ناديت حياً.
— كان مقترح الحل السلمي فى الكتاب يتلخص وباختصار شديد فى نقطتين كما يلي:
* إقامة نظام فدرالي أو كونفدرالي تنتفي معه هيمنة المركز فى صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بوضع دستور دائم ترتضيه جميع الفئات، والقوى السياسية والإقليمية، يتم فيه الفصل بين السلطات المركزية، وسلطات الولايات، فى مجالات التشريع، والتنفيذ، والقضاء.
* فصل الدين عن الدولة، فالدين لله، والوطن للجميع.
ولكن حكومة المركز المهيمن فى الخرطوم، وبدلاً من الرد السياسي على المانفستو، والذى كان يمكن أن يؤدي إلى حل المشكلة السودانية المستعصية، بالسلم والحسنى، امتشق الحسام، ودعانا إلى النزال والعراك، والمبارزة، بدعوى أنهم جاءوا إلى السلطة بالقوة، ولا يتعاملون مع الضعفاء. باقي القصة تاريخ معروف، مليء بالدماء والدموع، والمآسي الإنسانية، فى كل السودان، بعد أن حولت حكومة النظام الحرب الأهلية، إلى حرب دينية مقدسة، تدعمها جماعات الهوس الديني، وعلماء السلطان، بالفتاوي التي تبيح قتل المواطنين زرافات ووحداناً، بدعاوى الجهاد لإعلاء كلمة الله. كان ذلك في فبراير من عام ١٩٩٤م.
٢. متن:
اليوم (٣١ مارس ٢٠٢١)، و بعد مرور سبعة وعشرين عاماً من ذلك التاريخ، وبعد أن مات أكثر من نصف مليون شهيد، بفعل حرب الإبادة الجماعية، فى دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة، وانهيار الاقتصاد السوداني، وانفصال الجنوب، بثلث سكان السودان، ونشوء معسكرات النزوح واللجوء، وبعد كل هذا الخراب، توصلت الحركة الشعبية – شمال، وسلطة الأمر الواقع فى الخرطوم (أصحاب التعنت والممانعة)، إلى إعلان للمبادئ، مبني على فصل الدين عن الدولة، والفدرالية فى الحكم، توطئة للدخول فى مفاوضات جوهرية، ربما تؤدي إلى كسر الحلقة المفرغة، والدائرة الجهنمية والشريرة، للمشكلة السودانية، التي راوحت مكانها، لمدة خمسة وستين عاماً بالتمام والكمال، أي منذ الاستقلال!
بالرغم من أن هذه الخطوة تمثل خطوة أولى، والتي تتبعها خطوات شاقة، تمر عبر دروب وعرة، من التفاوض المفضي إلى تفاصيل قد تسكن فيها بعض الشياطين، إلا أننا نقول مبارك هذه الخطوة، والتي نعتبرها فتحاً عظيماً لبوابة استعصت على الفتح، أو الولوج إليها ردحاً من الزمان، حتى جاء كتابه مثل الأجل المحتوم. ثم إننا نتضامن مع الحركة الشعبية – شمال، ونشجعها على المضي قدماً لفتح المزيد من الأبواب فى هذا الاتجاه. كذلك أدعو كل الذين يؤمنون بأن فصل الدين عن الدولة (كل الأديان)، والفدرالية، هما التوأمان، اللذان لهما القدرة للتعامل مع جذر المشكلة السودانية، للتضامن مع، وإسناد ودعم الحركة الشعبية – شمال، للمضي بإعلان المبادئ الصادر فى ٢٨مارس ٢٠٢١، فى جوبا، إلى نهاياته المنطقية، بالتفاوض الصبور كما حدث فى العام والنصف المنصرم بين بدء التفاوض والتوقيع على وثيقة إعلان المبادىء.
٣. خاتمة وحاشية:
نداؤنا لكل شعوب الهامش وتنظيماتهم بالتعاضد والتضامن من أجل دعم التوجه الذى يفصل بين الدين (إي دين) والدولة السودانية القادمة، احتفاءً بتنوع ثقافاتنا وأدياننا وإثنياتنا، وقبائلنا. كذلك أدعو كل الذين يؤمنون بالفدرالية نظاماً أمثل للحكم فى بلد متعدد ومتنوع فى كل مناحي الحياة أن يدعموا هذا التوجه، علنا نخلق الخطوات الأولى للتوافق القومي، الذى يسهل الطريق إلى التعافي واسترجاع صحة الوطن، الذى هدته عوامل التفرقة والتنازع، وحروب الدولة على مواطنيها، عبر سنوات الاستقلال منذ ١٩٥٦ و حتى الآن. ندائي للجميع أن نتضامن مع الحركة الشعبية – شمال، ونشجع الجميع، على إيصال إعلان المبادئ إلى النهاية المنطقية، بإنجاز يكون تاجاً على رأس الجهود النضالية السابقة، من أجل التغيير، المؤدي إلى سلام شامل ودائم، كونه تعامل مع جذور المشكلة بشجاعة فائقة.
تعظيم سلام لشهدائنا، وتعظيم سلام لشعوبنا، فى تنوعهم وتعددهم السياسى، والثقافي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.