ســــــــلام الأستعـــــــراض بالجــــــــثث!

0 57
كتب: آدْمُ أجْــــــــــــــرَىْ
.
أعلنت نهاية الحرب، وقعت الإتفاقيات بترتيباتها الأمنية والعسكرية، بموجبها توزع قادة الكفاح المسلح على مستويات الحكم، والنيران بقيت متقدة هنا وهناك. الأمر مختلط بشدة، مدنيون ذوى خلفيات عسكرية يتصادمون، إستهدافات بين المكونات الإجتماعية، أحداث قتل لاتفه الأسباب تجر إليه المئات، سقوط أناس لم يفهم بعضهم أصل الحكاية. هنا يقفز السؤال الإستنكارى: هل يصنع السلام بهذه الطريقة؟ الإجابة: قطعاً لا! بل تأكد فى حالة الجنينة، أن الورق يبقى ورقاً، والكراسى تظل وظائف تنفيذية -هى فى الأصل- مصممة لأداء أعمال لا علاقة لها بجذور الصراع. حكومة غرب دارفور بلجانها وأجهزتها الأمنية والعسكرية سجلت إخفاقاً فى قرآءة المؤشرات، فشلت فى إكتشاف التعبئة واللوجستيات التى كانت تتم وفوجئت مثل مواطنيها بهجوم ينفذ على عاصمة الولاية نهاراً، وبطمأنينة جعلت الإستعراض بالجثث ممكناً. الفشل الأكبر ليس الترتيبات الأمنية إنما فى إدارة عملية السلام بأسرها. منها العدالة الانتقالية ورتق النسيج الإجتماعى بالمستوى الذى يحد من مثل هذه الإنزلاقات المتوقعة، إذ لا يمكن لإقليم أرتكبت فيه إبادة جماعية مصحوبة بصدامات قبلية طويلة الأمد، وتهجيراً إلى المعسكرات والمنافى، أن تخفت نيرانه بمجرد توقيع أحدهم على ورقة دون إتباعه بعمل حقيقى على الأرض. لا نحتاج دليلاً يثبت بأن أولويات حركات الكفاح المسلح مختلة. بدلاً عن تركيزها على أمن دارفور ومعسكرات النزوح، تغاضت عنها وأبقتها مكشوفة الظهر -كما كانت- وفضلت الإحتفال والإستعراض فى الخرطوم. سياسياً فإن التسويات الإجتماعية المستندة على إجراءات عدلية أمر فى غاية الأهمية ولا يمكن ترسيخ سلام دون إخضاع المتسببين فى جرائم الحرب للمحاكم، لكنه حدث، وأوضاعهم ترسل رسائل مفادها أن النجاة من المحاسبة ممكنة. إبرام المعاهدات وحتى مجرد الإعتذارات المتبادلة لها أثرها، ولا أحد يفكر فيها. الناس مازالوا بعيدين عن بيوتهم. والغبن المتمدد أفقياً سيأخذ فى التمدد رأسياً كى يسمم إجيالاً جديدة إن لم يتحقق معالجته ولو بإجراءات رمزية كما حدث فى رواندا فمكنتها من تكريس التعايش السلمى الحقيقى. إن كنا لا نعرف ذلك ولا نقدر عليه، فإن الأمم المتحدة لديها الخبرة والقدرة والإستعداد، وليس من الصالح وضع متاريس فى وجه يونيتامس التى طُلبت للمساعدة طلباً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.