المعلومات لبناء البشر والحجر

0 52

كتب: طلحة جبريل موسى

.

طلب مني الباحث عبدالعزيز المنتاج مساهمة في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة إبن زهر في أكادير، وعنوانها “الإعلام الجديد والتنمية”. استأذنته في نشر المساهمة، وخلاصتها كالتالي :

حين يطرح موضوع بعنوان” الإعلام الجديد والتنمية ” ظني أن الأمر قبل كل شيء يتطلب تحديد دلالات ومعاني المصطلح. عندما نقول “الإعلام الجديد” هذا يعني بداهة أن هناك”إعلاماً قديماً” أو بعبارة مخففة “إعلاماً تقليدياً”، لذلك سنلاحظ الخلط الذي حدث ، أصبحت وسائل الإعلام المكتوبة (ورقية وإلكترونية وصحافة وكالة) والإعلام المسموع (الإذاعة) والإعلام المرئي (التلفزيون)، تصنف جميعاً في خانة الإعلام التقليدي، في حين تعتبر الشبكات الاجتماعية ومنصات التواصل إعلاماً حديثاً.

خلق زخم الشبكات الاجتماعية في أميركا بداية من عام 2004، ظاهرة “المواطن الصحافي”أي المواطن الذي يمكن أن يكتب ويصور أي حدث يجده أمامه وينشره على صفحته، هؤلاء يطلقون على أنفسهم أحياناً “صناع محتوى”، لكن المعضلة التي حدثت بعد ذلك هو تسونامي الأخبار الزائفة (fake news) التي أصبحت سمة الشبكات الاجتماعية، مما جعل الناس تعود إلى منصات الإعلام التقليدية، أي الصحف والوكالات والإذاعات وشبكات التلفزيون.

الثابت أن الإعلام بجميع مكوناته يلعب دوراً أساسياً في التنمية، لأن دوره الأساسي هو كما أقول “تدفق المعلومات”، ولا يوجد مشروع تنموي، من بناء البشر إلى بناء الحجر، يمكن أن يستغني عن “المعلومات”، أو خلق الوعي داخل المجتمعات.

لدي رؤية أكاديمية أقول بها ربما تشرح كيف يمكن أن يلعب الإعلام دوره في الوعي، وبالتالي تكون مساهمته إيجابية في التنمية.

تكون الأخبار إما شائعات أي أخبار كاذبة ، وفي درجة ثانية ربما تكون أخباراً غير موثقة ولكنها لا ترقى إلى مستوى المعلومة، وعندما تكون موثقة تصبح معلومة. تراكم المعلومات يصبح “معرفة”، واتساع المعارف يؤدي إلى خلق “الوعي”، الذي يقود حتماً إلى ابتكار حلول لقضايا ذات طابع سياسي أو اجتماعي أو تنموي، وبالتالي فإن الإعلام الذي يساهم في التنمية هو الإعلام الذي يحرص على نشر وبث معلومات تصبح بالتراكم معرفة ، ثم تراكم المعارف يخلق وعياً يتيح إمكانية المساهمة في التنمية، وعندما يكون هناك مواطن لديه وعي، سيكون عنصراً فاعلاً أو ربما حتى مشاركاً في الدفع بعجلة التنمية ، وإذا كان يفتقد للوعي سيكون عاملاً معرقلاً للتنمية.

بهذا المعنى يحتاج أي بلد إلى إعلام يتوخى تراكم المعرفة من خلال نشر وبث معلومات صحيحة، إذ لا يمكن تحقيق تقدم تنموي في ظل الجهل والأمية المعرفية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.