تلميــــذ يواجــــه أزمـــــة قـــــرون !

0 98

كتب: آدَمُ أَجْــــــــــــــــــرَىْ

.

صبىٌ يصادم منهج التلقين والتحفيظ، يُكثر على معلمه أسئلة جوهرية عن حقيقة الله والشيطان، المدرسة على مستوى إدارتها غير القادرة على إقناعه بأجوبتها، فتلجأ إلى محاكمته بوصف سلوكه بالمنافى للعقيدة والدين، وتعبر عن عجزها بفصله. فى السادسة من عمره يفضح أزمة المنهج المدرسى، ويطيح بمسلمات تربية المجتمع المستنبطة من سطحية رجال الدين الذين نصبوا حول العقول جملة متاريس محروسة بسيوف التكفير والوعيد بالمصير الجهنمى بعد الممات.

الطفل المفصول رفض التسليم بفكرة الشيطان الذى يأكل معه عندما يتناول طعامه بيسراه. فى الواقع تتداعى إليها جملة من التساؤلات الأخرى على شاكلة كيف يأكل وثمة أخبار أخرى تقول أنه قبل تشيطنه كان ملاكاً والملائكة لا يأكلون، وأنه كان من الجن ونفس المصادر تؤكد أن طعام الجن مختلف! نقاشات فكرة الشيطان ظلت متقدة لقرون فى الفضاءات الحرة خارج أسوار الكاتدرائيات والمساجد وحوائط المبكى. الفلاسفة منهم من ذهبوا أبعد من ذلك عندما إفترضوا أن الشيطان فكرة أسسها الإنسان للتهرب من تبعات شروره بنسبها إلى كائن خرافى لا يمكن الوصول إليه لمحاسبته والحد من جرائمه، فالشر كما الخير نابعان من الإنسان.

مثل هذه الأسئلة شائعة وسط الأطفال لأنهم الأقل خضوعاً للأفكار المعلبة ولا يحرمون أنفسهم من حرية التفكير وبناء الرأى، لأنهم حديثى عهد بالعقائد، لم يمضوا فيها فترة طويلة، لم يروضوا أنفسهم على الخضوع للتابوهات ولا الخضوع لها مثل ما يفعل الكبار. يسألون بلا أدنى حرج عن الطريقة التى ولدوا بها، عن الله، هيئته وعرشه، ويستنكرون قصص القتل الواردة فى النصوص الدينية.

بالتراكم عبر القرون وتعاقب الأجيال بنى رجال الدين سلطة عظيمة على المجتمع، أخضعوا مؤسساته، طوعوا مناهجه وحرموه من الإستنارة، حتى أن مؤسسة تعليمية تعمل تحت إشراف وزارة، تلعب دور حائط دفاعى يحمى بيت عنكبوت بإمكان تلميذ فى السادسة من عمره تدميره. فى تناقض صارخ فإن  مدرسة سميت -أكاديمية- تلعب دور السلطة الدينية. مقابل والدة التلميذ التى أمسكت عن كبح حريته فى التفكير والرأى والنقد، فلعبت دور الإستنارة والحرية التى يجب أن يكون عليهما المجتمع. سبق أن واجهت الدولة بعض المؤسسات التعليمية الأجنبية، التى نظمها لا تشتمل تدريس أى عقائد، الحكومة حاولت إلزامها بتدريس مادة الدين شرطاً -فلتكن أى دين- والموقف باطل. وإن كانت دولة الحرية لا تحرم رجال الدين من بناء سلطاتهم كما يشآءون. فإن الشرط الجوهرى هو عدم تحقيق ذلك عبر مؤسسة الدولة التى يفترض أنها غير خاضعة لأى سلطة دينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.