بلاها “اللاءات الثلاث” فقد أورثتنا الندامة

0 68

كتب: محمد فاروق سليمان 

.

“التفاوض” جزء اساسي لإعلان الانتصار في أي معركة او صراع، والإذعان في الصراع السياسي هو انجاز تسوية تاريخية لصناعة “شراكة”في الوطن لتاسيس “شرعية” الدولة بحيث تكون للجميع وفق اتاحة الحرية وكفالة الحقوق وتأسيس العدالة وتحقيق المساواة، وبما يؤسس لدولة حكم القانون والمؤسسات و يتيح مراقبة السلطة الرسمية ومحاسبتها، ليس عبر الانتخاب وحسب ولكن من خلال خضوعها لسلطة التأسيس والالتزام بالحقوق والواجبات.

فلنتوقف عن ترديد حيلة اللاءات المحشورة على الفعل السياسي الرشيد بشكل عام، والفعل النضالي على وجه الخصوص، والمعدة لاختطاف العملية السياسية من قبل النخب المدنية والعسكرية على السواء، حسب ترتيبات اللحظات الاخيرة؛ كما تم في اكتوبر وابريل وتتم محاولات اعادة انتاجه في ديسمبر من خلف هذه اللاءات الثلاثة الجديدة: لا تفاوض، لا شراكة،ولا شرعية! للحفاظ على إرث سياسي استنفذ شروط بقائه التاريخية لعهود انحلال الممارسة السياسية وفق متلازمتي الهيمنة والاختلال، وثقافة نقص العهود والمواثيق التي يصيغها هذا الخيال المحدود والعقل الكسول، فالخرطوم لم ترث بعد مؤتمر لاءاتها الثلاث في ٦٧ غير تأييد عبد الناصر لانقلاب مايو على النظام الذي مد يده ومؤازرا للقائد المهزوم بعد النكسة!

السودان امام صناعة تاريخ يطوي صفحة الانقلابات العسكرية وفق هذه الثورة والتي اثبتت حتى الان أنها الاقدر على تحقيق الانتقال واستدامة الديمقراطية مقارنة بمشاريع التغيير في المنطقة والاقدر على تجاوز تربص كلا النخب العسكرية والمدنية باستقلاله الثاني (وليس بالضرورة انقلاب ٢٥ اكتوبر آخرها) وسعيها لبعث الحياة في الدائرة المفرغة وتهديد عقل التاسيس عند الجماهير وفق ثقافة السلطة عند النخب.

التغيير الثوري والجذري هو ما يتيح تسوية غير معنية باعادة تعريف المصلحة للفرقاء من نخب ادمنت لعبة تبادل الادوار في اطار هيكلة سلطة (وأيديولوجيا لهذه السلطة) قائمة منذ دولة الاستقلال، كانت آخر حلقاتها دولة المشروع الحضاري للانقاذ. ولكنها تسوية معنية باعادة تعريف السلطة نفسها من خلال التوافق على شروط التاسيس لمشاركة الدولة، وليس الاتفاق على شراكة في السلطة وفق شروط دولة موروثة من المستعمر على نسق ما تم ويتم في السودان وربما محيطه القاري منذ الاستقلال الاول.

#الاستقلال_الثاني
#الدولة_للجميع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.