لمجرد العلم: من هو رئيس القضاء ..؟!

0 60

كتب: د. مرتضى الغالي

.

لمجرد العلم .. مَنْ هو رئيس القضاء في السودان حالياً ..؟ وهل لا زالت القضائية في شارع الجامعة ..؟ بعد هذا الدم المسفوح وبعد أن ذبح رصاص الانقلاب الشباب الغض في مجزرة 17 يناير وهم يتطلعون للحياة ويمكن أن يكونوا في مستقبل نشأتهم رؤساء لهيئات القضاء والنيابة .. هل ذهب رئيس القضاء والنائب العام إلى بيوتهم وتناولا طعام الغداء مع أزواجهم وأولادهم .. وكيف نظرا إلى أولادهم الشباب بينما إخوانهم في ذات السن يذبحون في الشوارع بالرصاص .. هل هؤلاء الشباب الذين حصدهم الرصاص من عتاة المجرمين الذين يرفعون البنادق في وجوه المارة ..؟ هل كانوا يحملون قنابل ذرية ودانات ومتفجرات ..؟! هل هم من اللصوص والقتلة الهاربين من العدالة ..؟! وحتى هؤلاء .. هل يقتلون برصاص الدولة بغير إنذار وإشهار ..؟؟ هذه المذبحة لم تذهب فقط بأرواح الشهداء بل كان من ضحاياها مصابون بالعشرات وفيهم من أصيب بشلل رباعي ومن اقتلعت عيناه ومن فقد أطرافه .. فما هي الحكاية ..؟! وهل يمكن أن يكون كل هذا العنف المُفرط لمجرد فض مسيرات سلمية .. أم هو القتل الممنهج والترويع المقصود من جنرالات الانقلاب ومليشياتهم ..؟! نحن نسأل عن القضاء والجهات العدلية لأنها هيئات تتمتع بالاستقلال وواجبها الأول حماية المواطنين والأخذ بأيدي الجناة .. ولا نسأل مجلس الانقلاب ولا حكومته التي تعمل تحت إمرته .. فهما الطرف المسؤول عن هذا العدوان بالأوامر المباشرة أو (بالمباركة) .. وهؤلاء حسابهم لدى الشعب والتاريخ .. فالمسألة تتعلق بأرواح ودماء ومصائر ..!!

يا ترى من قتل هؤلاء الشباب ..؟ وتحت أي جريمة وصلاحية ..؟ وتحت أي طائلة ..؟ ومن اجل أي قضية ..؟ وتنفيذاً لأي أوامر ..؟! وأي توجيهات ..!!.. يا رب حُكمك في الدم المسفوك ..!  هذا هم وعد الانقلابيين للشعب بأن هدفهم (تصحيح مسار الفترة الانتقالية) ..!! منذ الانقلاب والشوارع والميادين تطفح بسيل الدماء .. وهكذا يتم تصحيح مسار الانتقال عبر رصاص القناصين الذين يتربصون بالمواكب السلمية من أسطح البيوت ..!! هذه عودة صريحة لجرائم الإنقاذيين القتلة في أيام الثورة الأولى وفي فتراتها العصيبة عندما كان الملثمون يحتشدون في الطرقات والتاتشرات تدهس الأطفال والصبايا والقناصة على الأسطح والشراذم المجهولة من المليشيات ومجندي امن الإنقاذ يقتلون الناس ويقتحمون المنازل  مدججين بالأسلحة يختطفون الأبرياء وينتهكون الحرمات ..!  هكذا يريد البرهان وحميدتي تصحيح مسار الفترة الانتقالية وتأمين المدنية والديمقراطية وإقامة الانتخابات وقيادة البلاد نحو تداول السلطة تحت رايات الحرية والعدالة والسلام ..!! .

الأكثر إثارة للاستفزاز أن البرهان يقول انه سيكوّن لجنة للتحقيق في ذبح هؤلاء الشباب ..!! هذا هو ما يسميه أهل القانون والسياسة بالصلاحيات المتعارضة ..!! كيف تكون الجهة المسؤولة مباشرة عن الجريمة هي ذات الجهة التي تقوم بالتحقيق فيها ..؟! من الذي يملك السلاح وتحت إمرة مَنْ يعمل حامل السلاح ..؟! وهل يمكن للنظامي أن يتصرف بمفرده (ومن عندياته) لقتل شخص آخر لمجرد انه يمتلك في يده سلاحاً ..؟ هل يستطيع أي تحقيق تحت سلطة انقلابية اغتصبت حقوق البلاد بأسرها كشف القتلة الحقيقيين ..؟!.. كيف للجهة التي اعترضت مجرى التحقيق في جرائم ميدان الاعتصام التي كان ضحاياها مئات القتلى عبر الذبح والإغراق والسحل والتشويه والتعذيب والاغتصاب ومئات المصابين وعشرات المفقودين ..؟! كيف يمكن أن تجري تحقيقاً قضائياً نزيها حول قتل هؤلاء الشباب ..؟! هل يمكن أن تبلغ درجة الغباء بأي كائن على ظهر هذه الأرض حتى يصدق أن البرهان سيقوم بتشكيل لجنة نزيهة لتحاكم القتلة المنطلقين في الشوارع في عهد انقلابه الأسود ..؟! وهل حادثة قنص هؤلاء الشهداء هي الأولى منذ قيام الانقلاب ..؟! ولماذا لم يشكّل (سعادته) لجنة للقتلى السابقين منذ قدوم الانقلاب وهو يعلم أن عددهم يربو على السبعين شهيداً .. والله اعلم بالقتلى المجهولين ..!! .

من هو رئيس القضاء في السودان ومن هو النائب الآن ..؟ هذا سؤال لمجرد العلم والتفكّر في تصاريف القدر وما يمكن أن يبلغه ضمير أي شخص (ولا نقول إنسان) وجد نفسه في موضع إقامة ميزان العدالة وحماية المجتمع وهو يرى هذا القتل المريع وفي وضح النهار لشباب مسالم لم يقترف ذنباً ولم يرتكب إثماً ..؟! .

لا زالت السلمية تقيّد الشباب السلميين .. والسلمية هي حِلية هذه الثورة وقلادتها .. وليست قيدها .. فلتتمسك الثورة بسلميتها التي ستظل موضع إغاظة للقتلة .. وهي القيد السحري الأنفس والأغلى والأجمل من قلائد الذهب واللؤلؤ والمرجان .. والثورة منتصرة .. والإنقاذ والانقلاب إلى بوار طال الزمن أم تقاصر .. ويا رب حُكمك في الدم المسفوكِ .. (كلٌ يصيد الليث وهو مقيدٌ .. ويعزُّ صيد الضيغم المفكوكِ) .. الله لا كسّب الانقلابيين وصنائعهم من شُلة الهوان ..!! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.