مبادرة فلولية فاقدة الأهلية ..!!

0 81

كتب: د. مرتضى الغالي

.

هذه المبادرة التي يقف على رأسها الأستاذ الدكتور محمد حسين أبو صالح هي مبادرة (فاقدة الأهلية) منذ البداية .. مما يعني عدم الانشغال بها .. ذلك أن عرّابها (المذكور أعلاه) يدخل في عداد الإنقاذيين ومشاركيهم في السلطة الذين يحظر عليهم العمل السياسي خلال الفترة الانتقالية ..! وقد قام المؤتمر الوطني المقبور بتعيينه في وظائف سياسية ودستورية .. والوظائف التي تقلدها كما يلي : محاضر بأكاديمية الأمن العليا ، وزير الشؤون الإستراتيجية والمعلوماتية بولاية الخرطوم ، مستشار الشؤون الإستراتيجية والمعلومات بولاية الخرطوم .. وظل على هذا المنوال حتى قيام الثورة وسقوط الإنقاذ ودولتها .. والآن يريد أنت يصبح رجل مبادرة سياسية بشأن الوطن وإدارته وصناعة مستقبله .. هذه واحدة ..!

وحتى لا نغمط الخبير الاستراتيجي بعض ملامح سيرته الذاتية وانجازاته فقد كان كما نقلت الصحائف بالصوت والصورة من أعضاء اللجنة التي منحت زوجة المخلوع درجة الدكتوراه (على طول) عن أطروحتها بعنوان (دور التخطيط الاستراتيجي الإسلامي في تحقيق الأمن الغذائي) ..! . وليته وافى المجتمع السوداني -عبر وكالة سونا- بهذا (الانجاز العلمي الباهر) ومرتكزات هذا البحث وتوصياته .. فقد تكون فيه فائدة لا بد أن الأستاذ الخبير أقرّها لينتفع بها المجتمع السوداني في مجال الأمن الغذائي بدلاً عن تصديع رءوسنا بهذه المبادرة الفلولية (الفشنك) ..!! .

الثانية : أن هذه المبادرة خاصة بفلول الإنقاذ ولا علاقة لها بالسودان ولا بصناعة المستقبل .. فهي مبادرة إنقاذية تحتشد بالقراءة الخاطئة (والمعطيات الفاصو) والمقدمات الهلامية والنتائج المُبتسرة .. كما أنها تنطق بموالاة الانقلاب والبناء عليه وتتكئ على ميراث الإنقاذ الأشتر الأبتر البغيض .. ولا يعدو الشخص الحقيقة إذا قال أنها تجري بإيحاء من الانقلابيين لمعارضة المبادرة الأممية ! . وبما أن الانقلابيين لا يستطيعون المجاهرة برفض المبادرات الأممية (بالدرب العديل) فلا مناص من أن ينهض شخص من ملتهم ودائرتهم ليداور بالحديث عن رفض التدخل الدولي .. وهذه من النكات السخيفة .. وأسخف منها الذي يظن أن مثل هذا الكلام يمكن أن يفوت على وعي السودانيين .. فالإنقاذ هي ربيبة الخنوع للقوى الأجنبية .. وكذلك حال انقلابها الأخير ..!! .

الثالثة : أن الرجل الخبير يطلق على أعضاء المبادرة (الثلاثين .. وشوية) أنهم حكماء السودان .. ولك أن تتخيل أن مجلس الحكماء هذا الذي قام بتعيينه الخبير أبو صالح سيكون كما قال (الحاضنة الوطنية للحكومة الجديدة) ..! . وهنا يمكن أن تُلقي يا صديقي نظرة عجلى على قائمة هؤلاء الحكماء الذين دلفوا إلينا من (حديقة اكاديموس) على عهد أفلاطون لتعرف مدى انطباق هذا الوصف عليهم؛ وهم شتيت غريب من تأليف هذا الخبير .. ولكن بينهم كثيرون من الذين شاركوا في سلطة الإنقاذ بالمناصب والمواقع والموالاة أو بـ(مقاعد الرضا والتزكية) .. ومن هؤلاء الحكماء فريق لا تدري أين تضعه ؛ حيث بينهم عسكريون متقاعدون من شرطة الإنقاذ ؛ ولاعبو كرة قدم ؛ و(مولانات أو أئمة) معاشيون يقيمون في لندن؛ وإخونجية و(مخزنجية) ؛ وأعضاء في مفوضية انتخابات الإنقاذ .. وآخرون ممن اعتزلوا حياة السودان السياسية والاجتماعية .. وأكثر من (ثلث هؤلاء الحكماء) لم يحصل السيد الخبير حتى الآن على موافقتهم بالانضمام إلى مبادرته .. وبعض المذكورين لا نظن أنهم يقبلون تسميتهم بالحكماء .. بل ربما يعدون وصفهم بحكماء السودان من باب (الاستهزاء المقلوب)..! .

الرابعة : أن الخبير الاستراتيجي يقول أن مبادرته هذه تستند على مؤسسة سماها (بيت الحكمة)..! ربما إحياءً لبيت الحكمة في عهد هارون الرشيد وابنه المأمون أو هي امتداد لدار الحكمة للخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله .. ويقول الخبير أنه أنشأ بيت الحكمة هذا قبل سبعة أعوام ..! وتم فيه دراسة تجارب (38 دولة) وصدر عنه تحليل استراتيجي في (تسعة مجلدات) ويبلغ عدد صفحاته 5 آلاف وعليها أربعمائة صفحة أخرى .. ومن هذا الجهود انبثقت الرؤية الحاضرة لمخاطبة أزمة السودان كما يقول..!! إذن هذه هي رؤية (بيت حكمتك) وليست رؤية الحكماء الثلاثين أعضاء المبادرة ..! هل سمع أحدكم ببيت الحكمة هذا من قبل ..؟وأين يقع ..؟ والسؤال الأهم هو : لماذا لم يكشف أبو صالح عن هذه المجلدات وهذا التحليل (الألفاوي) إلا الآن ..!ولماذا أبقاه طوال هذه السنوات بعيداً عن العيون ..؟!.. هذا هو السؤال الذي (يكشف اللعبة) .. لماذا الآن..؟!!

ألا يحق أن تتم مساءلة هذا الرجل عن الورق الذي أتلفه بكتابة تقريره في (5 آلاف و400 صفحة) ..؟! هل أطلع أعضاء المبادرة الثلاثون على هذه المجلدات التي (انبثقت منها المبادرة)..؟! ألا ينبغي مساءلته أيضاً عن الوقت الذي أهدره في قاعة وكالة الأنباء وقيمة الكهرباء والماء و(زمان الناس) ..!

ليس هناك من شخص قام باستهلاك كلمة (إستراتيجية) منذ أن تم نحت هذا المصطلح من اللغة اليونانية الإغريقية أكثر هذا الخبير الاستراتيجي .. حتى أصبحت هذه الكلمة عنده وكأنها تعني (اللا شيء) ..! فطوبي للحكماء الثلاثين وللمبادرة التي يستعلى بها أبو صالح على الثورة وشبابها المستنير وهو ينصح بالوطنية المحلية وعدم الاستناد على المرجعيات الأجنبية .. وأولى به أن يوجّه حديثه هذا إلي قادة الانقلاب الذين أعلنوا فخرهم بحصاد الدولارات الأمريكية العزيزة ثمناً لخدماتهم العسكرية خارج الحدود .. ولتأخذ هذه المبادرة مكانها بين مخلفات و(كراكيب) الإنقاذ..! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.