كيف يتم إنهاء الاحتلال الأجنبي للسودان ؟

0 67

كتب: تاج السر عثمان بابو 

.

ازداد التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للسودان كثافةً بعد الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الذي وجد مقاومة كبيرة من جماهير الشعب السوداني ، كما في التدخل السافر في الشأن السوداني من الإمارات واسرائيل ومصر ، أمريكا والترويكا وروسيا ، ودعوة البرهان لزيارة الإمارات التي كان فيها حميدتي قبل أيام.

جوهر كل هذا التدخل الكثيف في الشأن السوداني هو تصفية الثورة السودانية التي تهدد مصالح تلك الدول في المنطقة ، وتفكيك الدولة والجيش السوداني والمحافظة علي وجود المكون العسكري لحماية مصالح تلك الدول في نهب ثروات السودان وتثبيت مواقع أقدامها العسكرية في موانئ السودان ، فالامارات والسعودية تقوي مواقع الجنجويد عسكريا واقتصاديا علي حساب الجيش السوداني القومي المهني الموحد لاستمرار نهب ذهب السودان وضمان استمرار ارسال المرتزقة لحرب اليمن والمحافظة علي مصالح الدولتين في شرق افريقيا والبحر الأحمر مع الحلف الاسرائيلي ، والمحافظة علي استثماراتهما الزراعية التي تصل عقودها الي 99 عاما، واسرائيل تطمع في تمرير التطبيع لتوطين اليهود الفلاشا في الفشقة السودانية ، وايجاد موطئ قدم لها علي البحر الأحمر ، بعد رفض شعب السودان صفقة الامارات حولها للاستثمار فيها بمبلغ 10 مليار دولار ، وروسيا تستميت للمحافظة علي استثماراتها واستمرار المرتزقة الروس في تدريب المليشيات الارهابية ولنهب ثروات البلاد في التعدين وتأمين قاعدتها العسكرية علي البحر الأحمر واستمر مد الحكومة العسكرية بالسلاح ، في حرب باردة مع امريكا التي لها قاعدة ايضا علي البحر الأحمر . أما مصر فقد ارسلت وفدا من الخارجية المصرية والمخابرات لضمان استمرار العسكر في السلطة لاستمرار نهب موارد السودان كما كشف ترس الشمال ، ونهب اراضي السودان الزراعية والمائية ، واستمرار احتلال حلايب وشلاتين ابو رماد ، وعدم انتهاج السودان سياسة مساقلة تنهض بالسودان اقتصاديا وتقيم مجتمعا صناعيا زراعيا متطورا.

هذا علما بأن دول الإمارات ومصر واسرائيل . الخ كانت وراء انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذته مليشيات الجنجويد والمؤتمر الوطني وقوات حركات سلام جوبا لخدمة مصالحها التي تلعب الأذرع والمخالب للتدخل الأجنبي ونهب ثروات البلاد.

2 . معلوم أن مقاومة شعب السودان للاحتلال الأجنبي ضاربة الجذور في تاريخ السودان القديم والوسيط والحديث ، ونضال شعب السودان من أجل السيادة الوطنية وحرية واستقلال السودان معروف كما في الآتي:

– فجر الثورة المهدية عام 1885 التي حررت البلاد من الاحتلال التركي- المصري الذي نهب ثروات البلاد من ذهب وقوى بشرية ومحاصيل نقدية وأراضي ، وحقق اقصى الارباح من الضرائب الباهظة التي كانت من اسباب الثورة . الخ ، ومارس اقسي أنواع القمع الوحشي ضد انتفاضات شع السودان ضده..

– فجر ثورة الاستقلال السلمية 1956 التي حررت البلاد من الاحتلال البريطاني- المصري ، وجاء استقلال السودان بعيدا عن أي أحلاف عسكرية ، رغم ظروف الحرب الباردة التي كانت تعج بالأحلاف العسكرية مثل : حلف وارسو ، وحلف الاطلنطي ، وامتدادتهما الاقليمية مثل: حلف بغداد “السنتو” الذي تكون عام 1955 من باكستان ، تركيا ، العراق ، المملكة المتحدة ، وأمريكا التي كانت صاحبة الفكرة ، وكان الهدف منه حماية الأنظمة الحاكمة ضد تطلعات ورغبات شعوبها ، والذي اندثر وذهبت ريحه بفضل نضال شعوب المنطقة.

– بعد الاستقلال رفض شعبنا المعونة الأمريكية المشروطة في فترة الديمقراطية الأولي ، وقاوم انقلاب عبود الذي فرط في السيادة الوطنية وفرط في دينة حلفا وآثارها التاريخية باغراقها بثمن بخس ، ورفض التدخل لقمع حركات التحرر الوطني في افريقيا وبقية العالم ، مما أدي لاندلاع ثورة أكتوبر 1964.

– بعد انقلاب 25 مايو 1969 ، قاوم شعبنا ميثاق طرابلس بين مصر والسودان وليبيا ، والذي كان تدخله واضحا في شؤون البلاد الداخلية كما في ضرب الطائرات المصرية والليبية للمواطنين العزل في الجزيرة أبا 1970 ، وانزال القذافي لطائرة بابكر النور وفاروق حمدالله واعتقالهما ليسلمهما للسفاح نميري في يوليو 1971، ليقوم بجريمة أعدامها مع أبطال 19 يوليو 1971.

– بعد ذلك تمت اتفاقية الدفاع المشترك ، ومشاركة نظام النميري في مناورات قوات النجم الساطع بقيادة امريكا ، وتحويل السودان لمركز للاستخبارات الأمريكية في أفريقيا ، وترحيل اليهود الفلاشا من السودان لاسرائيل ، وقاوم شعبنا نظام النميري حتى تمت الاطاحة به في انتفاضة مارس- أبريل 1985.

 

3 .

– بعد انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989 ، رفض شعبنا الانقلاب وتفريطه في السيادة الوطنية ، وتدخله الارهابي في شؤون الدول الأخري ، ومسؤوليته في التفريط في حلايب وشلاتين واحتلالهما من قبل النظام المصري ، والفشقة من النظام الاثيوبي ، ودوره في فصل الجنوب بعد اتفاقية نيفاشا بتدخل خارجي واستجابة للضغوط أمريكية ، واشعال نيران الحرب في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، مما ادي للتدخل الكثيف في الشؤون الداخلية للبلاد ، وتفكيك الجيش السوداني، وقيام مليشيات ” الجنجويد”، وكان من نتائج ذلك ابادة أكثر من 300 ألف مواطن في دارفور وتشريد أكثر من 3 مليون مواطن ، وقرار محكمة الجنايات الدولية بتسليم البشير والمطلوبين للجنائية الدولية.

– رفض شعبنا قرار نظام البشير في مارس 2015 بمشاركة السودان في الحلف العربي – الإسلامي لحرب اليمن بقيادة محورالسعودية والإمارات ومصر ، وقرار ارسال مرتزقة سودانيين للمشاركة في حرب اليمن ، علما بأن السودانيين كانوا يرسلون معلمين لنشر العلم والمعرفة في اليمن !!، وبدل من رفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري ، والمطالبة بحل المشكلة سلميا في اطار الأمم المتحدة ، زج البشير بقواتنا في محرقة الحرب في اليمن ، في حرب لا ناقة ولا جمل فيها لشعب السودان ، علما بأن انقلاب البرهان استمر في سياسة الانقاذ في استمرار ارسال المرتقة لحرب اليمن.

– فرط نظام الانقاذ في السيادة الوطنية وفتح ابواب البلاد علي مصراعيها للنشاط الارهابي، كما في انشاء المؤتمر الشعبي الاسلامي في تسعينيات القرن الماضي الذي جمع كل صنوف الارهابيين المتعددي الجنسيات مثل : بن لادن ، وكارلوس ، وغيرهم من الارهابيين المصريين والليبيين ، والفلسطنيين ، والأفارقة ومنظماتهم ” بوكو حرام ، الشباب الصومالي. الخ” ، وتفريخ جامعة افريقيا لهم وارسالهم للبلدان الافريقية.

– تمّ نهب ممتلكات القطاع العام ، وفتح البلاد للشركات ولرجال الأعمال الفاسدين من الإسلامويين وغيرهم ، الذين نهبوا ثروات البلاد من عائدات الذهب والبترول التي تقدر بمليارات الدولارات وتهريبها خارج السودان ، وتدمير الغطاء النباتي بالقطع الجائر للاشجار ، والصيد البري الجائر ، وفتح الباب للاستثمارات السعودية والإماراتية . الخ للاستثمار المجحف ، وضد أصحاب المصلحة من المزارعين والرعاة السودانيين ، وبعقود ايجار يصل بعضها لملايين الأفدنة لفترات زمنية تصل إلي 99 عاما!! ، وتم تقدير الاستثمارات السعودية والاماراتية بعشرات مليارات الدولارات لإنتاج القمح والبرسيم وبقية الحبوب وتصديرها للاستهلاك المحلي في تلك الدول ، في استنزاف للمياه الجوفية ، وعدم تخصيص جزء من العائد لتنمية مناطق الانتاج ، وتشغيل العمالة المحلية ، وتوفير خدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء والبنيات التحتية.

كل ذلك في تفريط بشع وفاسد من نظام المؤتمر الوطني ورموزه ، إضافة لاطماع الإمارات في الموانئ السودانية ، حيث احبط عمال الشحن والتفريغ مؤامرة تأجير الميناء الجنوبي ، حتى تم الغاؤها ، كما تم ابعاد الاتراك عن ميناء سواكن ، ومازال المخطط للاستيلاء علي الموانئ قائما مما يتطلب اليقظة والدفاع عنها ..

4 . كان من المفترض بعد نجاح ثورة ديسمبر 2018 إلغاء كل تلك الاتفاقات التي فرطت في السيادة الوطنية ، ولكن التسوية أو ” الهبوط الناعم ” في ” الوثيقة الدستورية” المعيبة الذي حدث بضغط محور حرب اليمن وأمريكا والاتحاد الاوربي .الخ ، أدي الي التفريط في السيادة الوطنية ، كما في الفصل الأول من الوثيقة الدستورية التي تمّ التوقيع عليها نصت علي الزامية المراسيم التي أصدرها المجلس العسكري منذ 11 أبريل 2019 حتى يوم التوقيع علي الوثيقة ، ومن ضمن هذه المراسيم ذلك الذي أصدره المجلس العسكري باستمرار مشاركة السودان بحرب اليمن.

بالتالي ابقي المكون العسكري علي شركات الجيش والأمن والدعم السريع والاتصالات والمحاصيل النقدية لخدمة مصالح الرأسمالية الطفيلية ، كما ابقي علي اتفاقات السودان العسكرية واستمراره في محور الإمارات – السعودية – مصر” ، والحلف العربي الإسلامي لحرب اليمن ، واستمرار التدخل في شؤونها الداخلية ، والتطبيع مع الكيان الصهيوني ، ودخول السودان طرفا ضد ايران ، مما يفقد البلاد استقلالها وسيادتها الوطنية ، واستمرار وجود السودان ايضا في القوات العسكرية الأفريقية ” الآفرو – كوم” ، والقواعد العسكرية والتعاون الاستخباراتي والأمني لمصلحة أمريكا وحلفاؤها في المنطقة ، هذا اضافة للابقاء علي القوانين المقيدة للحريات وقانون الأمن ، وقوات الدعم السريع ، وبقية المليشيات التنظيمات الارهابية ، وهيمنة المجلس العسكري في الاتفاق ليضمن استمرار مصالح تلك الدول التي ضغطت لتوقيع الاتفاق ، بهدف قطع الطريق أمام ثورة شعب السودان والتحول الديمقراطي فيه ، والذي يؤثر علي مصالح تلك القوى في المنطقة ، إضافة لضمان استمرار نهب موارد البلاد وأراضيه الزراعية ، ونهب الذهب والسيطرة علي عائداته خارج وزارة المالية.

5 . وأخيرا ، لا بد من مواصلة المقاومة في اوسع تحالف ثوري لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، واستعادة السيادة الوطنية، والسلام الشامل والعادل ، والقصاص للشهداء في مجزرتي فض الاعتصام ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر ، وحل كل المليشيات من دعم سريع والتابعة للكيزان ، وسحب قواتنا من اليمن ، وحل جيوش الحركات ، وتسليم البشير ومن معه للجنائية الدولية ، وقيام جيش قومي مهني موحد ، وضم كل شركات الجيش والأمن والدعم السريع والذهب والبترول والمحاصيل النقدية لولاية المالية ، والغاء كل عقود الأراضي التي تصل الي 99 عاما بشروط مجحفة ، واتفاقيات التعدين الضارة بثروات البلاد والبيئة وتحقيق شعار : السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، واحترام المواثيق الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.