غرق سفينة الانقاذ علي ايدي الديسمبريين

0 62

 

عبدالله عمر حبيب الله

عندما جاء إنقلاب الانقاذ المشؤوم في عام 1989م وانقلب علي الحكومه المدنية المنتخبه من الشعب السوداني، حينها لم يولد 90 % من الشباب الديسمبرين.
و في تلك الفترة كان الشعب السوداني لم يولي أهتماما كبيرا للأنقلاب سواء بعض الطبقات المستنيره والسياسيه التي ظلت تناهض الانقلاب عبر بعض الكتابات او الندوات في الداخل والخارج.
إن هؤلاء الشباب الذين ولدوا وتربوا وترعرعوا في أحضان وافكار الاسلام السياسي الذي كان يدب دبيب النملة السوداء فوق الصخرة الصماء في الليلة الظلماء في عقول الشعب السوداني وللاسف لقد كان في سبات عمبق.
و كان نظام البشير منظومة تربويه كامل و متكامل من الروضه إلي الجامعه، ومن الشوارع والازقه الضيقه إلي كل الوزارات والمؤسسات.
أستطاعت تلك الافكار المسمومه تتسرب إلي عقول البسطاء من الناس بإ سم الاسلام، وصارت الساحه السياسية والاجتماعيه بيئة خصبه ومهأة لكل الإنتهازين وأصحاب المصالح الضيقه، والفاسدين من الناس، والذين لا يطيب لهم العيش إلا في الأجواء الظلاميه.
وبعدها فتح الباب علي مصرعيه لكل متطرف أمثال زعم القاعدة آسامة بن لادن، والمجرم كارلوس وعلي شاكلتهم هنالك الكثير ! بل ولم يكتفوا بذلك ولكنهم أرسلوا بعض الفتيات السودانيات إلي ليبيا بقرض النكاح للمجاهدين، يعني بهدف المتعة وهذه حقيقة لا يمكن لاحد إنكارها إلا متكابر، ومثبة بالوثائق والمستندات، وبعد عودة هن وجدنا من نظام الانقلاب إستقبال الفاتحين.
هذا النظام وتصرفاته الغير مسؤولة جعلة المجتمع الدولي يفرض علينا حصار دام لسنوات طوليه واصبح السودان لقمةسائقة لكل طامع من قريب او بعيد، وأيضا بسبب تهور الإنقلابين أغتصبت مصرحلايب وشلاتين، وأخذة أثيوبيا الفشقة، وفصل جنوب السودان.

السؤال الذي يطرح نفسه هل كان قيادات الانقلاب من الجهلاء؟ الاجابة كلا ثم كلا، بل كانوا من المتعلمين والمستنيرين وعلي رأسهم المفكر الاسلامي الدكتور / حسن عبدالله الترابي ولكن عندنا مثل بالدارجي السوداني يقول ” القلم ما بزيل بلم” المقصود به فقدان الوعي وعدم إجادة فن التعامل.

السنين الاولي من الانقلاب استخدموا أساليب عدة استطاعوا من خلالها إقناع عدد كبير من البسطاء عن طريق العاطفة الدينية او منح إمتيازات لرجالات الطرق الصوفية و السلفية، كي يكسبوا ولاءهم وتعيدهم المطلق غير المشروط، وظهرت الفتاوي التي تباع وتشتري في الاسواق بثمن بقس دراهم معدودة.
وهناك آسلوب آخر للمعارضين من قتل وتشريد وترهيب وشراء الذمم. ووضعوا بعض الشعارات الرنانه في مقدمة السفينه حتي صار يصدقهم الكثير من العامه، شعاراتهم (هي لله لا للمنصب ولا للجاه)، وظلوا يرددونها من حين لاخر في كل المحافل وإجتماعاتهم الداخلية. ولكن سرعان ما تبين للناس بعد قتلهم للضباط الاحرار في شهر رمضان، فقط لانهم رفضوا الانصياع لهذا الشعار الكاذب الذي يظهر خلاف مايبطن. وبعد ذلك قاموا بفصل جنوب السودان باسم الجهاد، وعندما ظهرت بعض حركات الكفاح المسلح بدارفور كان من الصعب أستخدام كلمة جهاد لان دارفور بنسبة 99% مسلمين ولذلك اطلقوا عليهم كلمة خونه وعملاء لدول اجنبية ومتمردين وغيرها من الكلمات النابية.

مع ذلك هنالك العديد من الاشراقات خاصة من قبل الشباب الديسمبريون الذين لم تؤثر عليهم كل الطرق المذكوره سابقا ومن بينها المناهج الدراسية التي كانت تخالف كل المعايير العالمية ومما ادي الي تدهور التعلم في البلاد، ولم يكتفوا بهذا بل عمدوا علي تاليب المجتع ضد بعضه البعض وذلك من اجل تحقيق اهداف وغايات الحكم في السودان إلي الابد وقالوا صراحة نسلمها لعيسي المقصود (سيدنا عيسي عليه السلام). وضاق بهم الافق والكبرياء وصاروا لايستمعون حتي لاسئلة الصحفين التي تدور في ذهن المواطن البسيط، إلا مايروق لهم من أسئله وأجوبه.

ولكن فوق كل هذا وذاك خرج شباب ديسمبر وكانوا يصفوهم بالشماشه و تعني (الصيع )، وصعاليك وغيرها من الالفاظ البذئة. أن هؤلاء الشباب الذين مهروا دمائهم رخيصة من أجل ثلاثة كلامات بسيطة في محتواها ولكنها عميقة في معنها هي (حريه و سلام وعدالة) جاءوا من كافة أرجاء الوطن يرددون شعارا شاع نورا و صدقا وإخلاصا. ان هؤلاء الشباب الديسمبريون منهم من كان مهنيا او تابع لتنظيم سياسي وبعضهم ليس له اي إنتماء سياسي ولكن جمعهم حب الوطن وجاءوا من كل أجزاء المدن.
والاغرب من ذلك أن كثير من أبناء وبنات قادات النظام السابق كانوا يؤمنون بالتحول المدني ووقفوا مع رفاقهم، سواء كانت بكلماتهم او المظاهرات المباشرة، وخير دليل بنت حرم رئيس الانقلاب المعزول عمر البشر( وداد بابكر) هذا مثالا وليس للحصر.
ومن الاسباب التي ساعدت علي غرق سفينة الانقاذ :
اولاها الغباء، والكبرياء، والغرور والفساد الذي أستشري وبدأ في تزايد مريب يشب له الولدان.
ثانيا فقر النظام لأسلوب الحوار الشفاف ولجوءه للقمع والعنف ضد معارضيه.
ثالثا انشقاق جماعات الانقلاب والتنافس فيما بينها من أجل السلطة يعني شعار هي لله كان أكبر خداع.
رابعا التدخل في شئون دول الجوار وتحدي المجتمع الدولي ببعض الشعارات كامثال (سودانا رجلو تدوس للأمريكان والروس).
خامسا رفض البشير لقرارات المحكمه الجنائية الدوليه. وغيرها من الاسباب التي جعلت السفينة تتحطم في مثلث برمودا وما زال البحث جاري عن حطام السفينة.
نتمني من شركاءنا في الوطن من بقايا النظام السابق حكموا ضمائركم ليسود صوت العقل والمنطق، حتي نخرج بهذا الوطن الشامخ إلي مكانه الطبيعي مع الدول المتقدمة، لان خيراته عظيمة تكفينا وتفيض للعالم أجمع .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.