السودان.. الجمهورية الثانية..

0 68

كتب: عثمان ميرغني

.

لا زلت مؤمنا بأننا في حاجة لغعادة بناء الوطن على أسس ومفاهيم جديدة، التشبث بالماضي يجعل الأخطاء والتجارب الفاشلة تستمر لأجيال مقبلة.. والأولى أن نستفيد من عِبَر الماضي دون اعتداد بها، لنبني مستقبلاً يستحقه شعب السودان النبيل..

أول مطلوبات “اعادة ضبط المصنع” هو عملية بناء المفاهيم الأساسية..مثلاً ، لضمان دولة المؤسسات يجب أن نبدأ بفصل السياسة من الإدارة.. القرار السياسي لا يجب أن يتغول على الإداري، بمعنى فك الاشتباك بين مصير الوطن ومصير النظام السياسي مهما كان..
ثانياً: فصل السلطات الأربع، وهي التنفيذية – التشريعية -القضائية – النيابة العامة ، بصورة واضحة لا لبس فيها، لأن ذلك أساس تعزيز المؤسسية في العمل و صناعة القرار، فلا يمكن – مثلاً- تصور أن تكون الجامعات السودانية مؤسسات مستقلة إذا كان القضاء أو البرلمان أو النيابة العامة مثلاً تخضع للإرادة السياسية أو السيادية..

ثالثاً: حاكمية التخطيط والخطة الاستراتيجية؛ ولا يتحقق ذلك إلا باعادة هيكلة مؤسسات القرار السيادي، فيصبح المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي مؤسسة مستقلة تماماً عن الجهاز التنفيذي تتولى مهام التخطيط وغعادة التخطيط حسب متغيرات الأوضاع أو التنفيذ على الأرض، ويعاونه الجهاز المركزي للإحصاء (والمعلومات).

الخطة الاستراتيجية هي أحلام وطموحات الشعب السوداني فيحولها المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي إلى مشروعات قابلة للتنفيذ على مراحل، يطلق عليها الخطة التنفيذية Plan Of Action وهي التي تترك للحكومات التنفيذية وتحاسب عليها بقدر الأداء أوالفشل في الإنجاز خلال الوقت المعلوم.

رابعاً: تغيير هندسة العلاقة بين الحكومة والمواطن.. المواطن هو “المالك” والحكومة مجرد “مقاول” قابل للطرد في أية لحظة إذا قصر في عمله، بل وللمحاسبة القضائية في حال التقصير المنتج لأضرار واضحة على الشعب والوطن. (مثلاً تأخير تشييد مطار الخرطوم الدولي الجديد جريمة يعاقب عليها القانون كل المسؤولين الذين تسببوا فيها).

خامساً: تقصير الدورات الدستورية، رئاسة الجمهورية، مجلس الوزراء، البرلمان، الولاة.. لترفيع الإحساس بالزمن، الطالب عند جلوسه للامتحان أول ما يفعله النظر إلى الزمن المتاح للإجابة.. بينما في نظامنا السياسي أول ما يفعله السياسي أو الدستوري عن بلوغه المنصب هو النظر في إمكانية تطويل مكوثه أقصى ما يمكن..
لا وقت للدموع، السودان أضاع الفرص الكثيرة أمام المرمى الخالي، والشعب السوداني في أمس الحاجة للاستمتاع بنعم وطن مترف بالخيرات.
#مافيش_وقت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.