لن يبيعوا القضية
كتب: كمال كرار
.
في سودان ما بعد الاستقلال سالت دماء كثيرة، وقتل الآلاف دون أي ذنب، وشنت الحروب على أبرياء، وشكل هذا التاريخ الدموي المشهد الحالي ولا زالت الدماء تسيل..
وقيل الكثير عن السلام والتعايش السلمي، وقيل القليل جدًا عن معاقبة القتلة والمجرمين.
ولما توفرت فرصة مؤاتية بعد الثورة لمحاكمة مجرمي الانقاذ وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية حدث التماطل بسبب فيتو من جهات معلومة، وهذا شجع على المزيد من القتل بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر، ودعاة التسوية يتحدثون الآن عن حصانة للقتلة وعدالة انتقالية لتبرئة المجرمين.
وبالرجوع للتاريخ فأن قتلة مزارعي عنبر جودة أفلتوا من العقاب، وطغمة نميري أفلتت من العقاب رغم المجازر والاعدامات التي ارتكبتها، وكذا طغمة الانقاذ، ويراد لطغمة أكتوبر أن تنجو كذلك.
وهذه الملفات من الضروري فتحها بعد انتصار الثورة، فهي لا تسقط بالتقادم، والقبور الجماعية تستصرخ ضميرنا الحي أن ننصف من قتلوا غيلة وغدرًا، ولم تعرف قبورهم حتى الآن، وفيهم مدنيون وضباط وجنود وسياسيون.
لقد بلغ من لؤم النميري وطغمته أنهم رموا جثمان الشهيد محمود محمد طه من طائرة بعد إعدامه لتنهشه الطيور الجارحة، وللأسف لم يعاقب أحد بعد الانتفاضة.
ونظام المخلوع البشير مسؤول عن قتل الآلاف في كل مكان، بيوت الأشباح، دارفور وكردفان والنيل الأزرق، جنوب السودان، كجبار وبورتسودان والعيلفون وأمري والسدود، شهداء الجامعات، شهداء ثورة ديسمبر، ومن أسف أن حكومة الفترة الانتقالية لم تقدم ملفًا واحدًا للمحكمة.. والسبب التواطؤ والشراكة مع أعداء الثورة، والتركيز على كراسي الحكم.
إن انتصار الثورة حتمي، ووشيك، والعدالة تعني انصاف الشهداء والأخذ بثأرهم، لقد قتلوا وهم يدافعون عن الوطن، وبالتالي فليس هناك تفويض للعفو أو التغاضي أو التسويف.
بالأمس وجهت الآلية الثلاثية الدعوة للجان المقاومة للاجتماع بها في إطار مشروع التسوية أو كما يفهم من السياق، والمئات من أعضاء اللجان في المعتقل والحراسات، لأنهم ثاروا ضد الانقلاب، وآخرون متهمون ظلمًا، وتم تعذيبهم بشكل وحشي، إن مشروع الهبوط الناعم يطلب من القتيل مصافحة القاتل والابتسام في وجهه، ومحو الذاكرة النضالية، ولكن؟
ولكن رفاق كشة وست النفور وكل الشهداء لن يبيعوا القضية، كما يتوهم أعداء الثورة…
وأي كوز مالو؟