في صُحبة الوحش..!!

0 70

كتب: د. مرتضى الغالي

.

هنالك خللٌ جسيم لحق بالشخصية السودانية بعد الإنقاذ .. والآن خلال هذا الانقلاب الأطرش ..! ولم يكن الانقلاب غير استمرار لمسيرة الانقاذ الموحلة العطنة وتعميق لسلوك وخيم نعني به نقيصة (عدم الحياء) الذي أصبح سمة (أصيلة) للانقاذيين وتجسيداً لازماً لتابعيهم ومواليهم يمشى على قدمين..!  فأنت لا تستطبع ان تفهم كيف بمن أتى بعد الثورة من المهاجر والمنافي يبشّر بقيم الخير والحرية والحق والعدل .. ومن جاء متحدثاً باسم أهله المقهورين في أطراف السودان (من جماعة وقادة الحركات) .. ثم ما أن (برك) في الخرطوم حتى تحوّل إلى وحش كاسر نَهِم يبحث بأي ثمن عن الوظيفة والمنصب والفيللا و(السمبوكسة) ويتفنن في سرقة مال الدولة ومواردها .. متنكراً لكل ما كان يدعو له بالأمس القريب..! .

إذا شئت يا صديقي أن تستعرض اسماء وشخصيات فعلت ذلك الإثم جهاراً نهاراً و(غالت فيه) فلن تضل طريقك إليهم ولن يحوجوك هم إلى كثير اجتهاد .. فقد برزت سوءاتهم ولم تكن لهم مسكة من حياء حتى يخصفون عليها ما يسترهم ..!! بل لقد اصبحوا يتباهون بذلك ويتقافزون عرايا من كل فضيلة .. واصبحت مخازيهم من الوضوح بحيث لا يحتاج معها السودانيون إلى من يشير الى هذه الشخوص التي أصبحت حرباً على الثورة وانحازت إلى الغيلان وتطامنت في أحضان الوحوش التي تشرب من دماء شباب البلاد وتستنزف عافية الوطن وتختار طريق النهب ومال السحت .. وتلهث وراء المناصب العامة حتى تتخذ من الدولة كلها (أداة) للثروة والثراء الشخصي..!! لقد أعوزهم (شرف المواطنة) وكانت ظهورهم من الهشاشة بحيث لم تحتمل ضريبة المواطنة .. وآذانهم صماء عن نداءات الحرية والعدالة .. كما كانت ضمائرهم من (اللدائن المطاطية) التي تمتد وتنكمش لتتجاوز حقوق الوطن وأحلام أهله في النهوض والتعافي..!! .

ورغم أن الجهل له نصيب كبير في سلوك هذا الطرق الموحلة وارتكاب كل هذه المنغصات والنقائص و(الخوازيق) .. إلا ان الجهل وحده لا يجيب على هذه المعادلة ..! فهناك بين هؤلاء الانتهازيين المرتزقة من تعلموا ووصلوا الى مراحل التمييز .. ومنهم من اغترب وعاش في مجتمعات متقدّمة وعرف فيها كيف تجري شؤون المواطنة ويقظة الضمير الوطني العام الذي لا يحتاج الى رقابة الدولة في اداء الحقوق التي توجبها سنن التعامل المدني الذي لا يهرب من الالتزامات .. وبعضهم وضع نفسه في مصاف من يكتبون الكتب العريضة في ذم سكة الاخونجية التي اختطّها لهم عرّابهم الكبير الترابي .. إلا انهم عندما جاءوا إلى الوطن من مهاجرهم (ولغوا مع الوالغين) وانحازوا إلى السعلاة وإلى ديناصوارات النهب والقتل .. ورافقوا الاخونجية والمليشيات وعصاباتها .. وتناسوا ما كتبوا وحبّروا عن جرائم الإخوان ضد الوطن وانتهاكهم لحرمات الناس ودمائهم .. فماذا حدث يا ترى وجعل الاخونجية أرباب نعمة واصدقاء طريق ..؟! وماذا جعل  من الانقلاب الدموي (قاتل المائة) خطوة تصحيحية  تستوجب الشكر والإشادة..!! بل اصبحوا يدافعون عن بنادق القنص التي تقتل شباب الوطن المسالمين..ويباركون مسعى (التاتشرات) والمصفحات التي تسحل الأطفال الأيفاع .. وهم يعلمون أن مجموعات المليشيات وكتائب الاخوان ومجندي الانقاذ والانقلاب يقتحمون بيوت الناس وينتهكون الحرمات..؟! .

هذه وقفة عابرة فقط لا نقصد منها غير التأمل في ما تسرّب للوطن من عوار في التركيبة الشخصية لبعض بنيه .. فهل يمكن ان يراجع هؤلاء أنفسهم قليلاً .. ويشرحوا لنا ما هو سر هذا التحوّل الرهيب بين الأمس واليوم ..؟! .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.