رأيي في الإجهاض

0 47

كتبت: رشا عوض 

.

هناك حالات يكون الإجهاض فيها واجبا مثل المخاطر الصحية على الام، او اكتشاف ان الجنين مشوه او معاق لدرجة ستجعله معذبا طوال حياته، وكذلك اذا تعرضت امرأة لاغتصاب وحملت نتيجة لذلك، فلا يوجد منطق أخلاقي او إنساني لاجبار امرأة على الاحتفاظ بجنين فرض عليها بهذه الطريقة المذلة.
بالنسبة للاجهاض لأسباب أخرى مثل الأسباب الاقتصادية او لان المرأة لا تريد أن تتحمل أعباء الامومة او لأنها تعطي الاولوية للتقدم في الدراسة او العمل، او لأنها ولدت ستة او سبعة أطفال وما عادت قادرة على استقبال طفل جديد، فكل ذلك يحتاج الى حوار عميق حتما سيكون جزء منه فلسفة كل امرأة في الحياة ونظرتها لدورها الاجتماعي ،
ولكن السؤال ماذا يفعل القانون؟ هل يجعل الإجهاض حقا مشروعا؟
اعتقد وجود هذا الحق في القانون مطلوب وفيه حل إنساني ورحيم لكثير من الحالات،
انا شخصيا لا اعارض وجود قانون يتيح الحق في الإجهاض للنساء لان هناك نساء محتاجات فعلا لذلك لأسباب صحية او نفسية او اقتصادية.
ولكنني في ذات الوقت اقدر المخاوف الاجتماعية من نزعات التمرد على الدور الانجابي واحتقار وظيفة الامومة، ومن المخاطر الصحية على النساء لو اسرفن في استخدام هذا الحق، وهناك مخاوف حقيقية في الدول الغربية من ظاهرة تناقص السكان وشيخوخة المجتمعات وطبعا هناك مشاكل اقتصادية واجتماعية مرتبة على ذلك، وبالمناسبة حتى الدول التي تمنح إجازات مأجورة للوضع وتصرف مرتبات للامهات الحاضنات وتوفر بيئة صديقة للامومة تعاني من مشكلة العزوف عن الإنجاب، وهذا مفهوم في ظل سيادة النزعة الفردانية في المجتمعات الغربية .
والسؤال هنا هل منع الإجهاض بالقانون هو الحل لكل هذه المشاكل؟
مؤكد لا!
كل هذه المشاكل حلها يحتاج الى مراجعات فكرية، وتدابير اقتصادية وحوارات مجتمعية يديرها المجتمع الراشد حتى يصل لحلول راشدة لمشاكله، والحل الناجح لن يكون بالتراجع عن الحقوق والحريات التي تكفلها مواثيق حقوق الإنسان العالمية ،فلا عودة مجددا لإجبار البشر نساء ورجالا على فعل اشياء لا يرغبونها ، المتاح هو اقناع الأشخاص الراشدين بالخيارات المفيدة لمجتمعاتهم والتضحية طوعا واختيارا في سبيل ذلك.
من وجهة نظر دينية ، المرأة التي تعتقد أن الإجهاض حرام، فلن يضيرها في شيء وجود قانون يبيح الإجهاض، ببساطة هذا القانون لن يجبر النساء على الإجهاض، بل يتيح هذا الخيار للراغبات فيه فقط، الانسان المسلم المتدين يستطيع العيش بسلام في ظل القوانين المؤسسة على ثقافة حقوق الانسان، واي حق قانوني يتعارض مع قناعته الدينية، ببساطة شديدة يمتنع عن استخدام هذا الحق، فإذا كان القانون مثلا لا يمنع شرب الخمر ولا يعاقب عليه، يستطيع المسلم المتدين ببساطة شديدة ان لا يشربها لان ليس هناك قانون في الدنيا يدخل الناس الى البارات ويسكرهم بالقوة! ولكن تبدأ المشكلة عندما يتحول الدين من مرجعية اخلاقية لضمير المؤمن الى وسيلة تحكم في الاخرين ومصادر ة مشروعية التعددية في الخيارات ،هذه الفكرة هي التي تجعل النقاش في اي قضية مرتبطة بالدين بشكل او بآخر نقاشا متشنجا وعدائيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.