خواطر عيدية
كتب: جعفر عباس
.
كنت في طفولتي اعتقد ان عيد الفطر هو العيد الكبير، لأنه كان يأتي بالكثير من الأطايب، بينما العيد الذي كنا نسميه عيد الخروف كان ثقيلا على نفوسنا، لأننا كنا مطالبين بخلع ملابس العيد بعد ارتدائها بنحو نصف ساعة، لنتفرغ لحمل كرش الذبيحة الى مقلب القمامة لتفريغها من محتوياتها ثم الجلوس طويلا لتنظيفها، ومهما اجتهدنا في ذلك، كان هناك جزء من الكرش يشبه دفتر ورق “لف” السجائر والبنقو، يقوم كلما نظفته بتوليد المزيد من الكاكا، ومنذ تلك السن المبكرة كنت استنكر تحول الكبار من حولي الى وحوش يأكلون اللحم غير المطبوخ الذي يسمونه المرارة، ويعلنون صراحة انهم يصبون عليها البول، وعرفت لاحقا ان البول هو البايل bile وهو أحد بيوت الداء في البهيمة
واتذكر في كل عيد أضحى تجربة زميلي “إكس” الذي، وفي اول عيد أضحى له كزوج، ذهب معنا في أبو ظبي الى حظيرة البهائم واختار كبشا ضخما ووقف به في طابور طويل ليصل الى المقصف حيث الذبح، وعندما وصله “الدور” حاول تحريك خروفه الذي كان راقدا وفشل في ذلك رغم تكرار المحاولة، فاقترب منه الجزار الهندي وقال له: كروف هادا في موت، ولاحظ آخرون زبدا في فم الخروف وحركوه افقيا ورأسيا ولكن تأكد لهم انه نفق أي مات نهائيا، فركبت العفاريت صاحبنا اكس وانهال على الخروف بالشلوت وهو يصيح: جاي قاطع 8 الف كيلو من استراليا عشان تموت على حسابي يا تافه يا حقير.. وباختصار اقترض مبلغا ممن هم حوله وجاء الى المقصف ومعه شخص آخر يحملون الخروف “طب العصب” وسمح له من كانوا في الطابور ان يتجاوزهم، وقال صاحبنا للهندي: يللا سوى ذبح الحين وإلا سأذبحك انت
في شارع خليفة في أبو ظبي اشترى عزاب سودانيون خروف العيد وربطوه في بلكونة شقتهم في الطابق العاشر، ووضعوا امامه الماء المفلتر والعلف المبستر، وصبيحة يوم العيد جلسوا في الصالة قبالة البلكونة يجهزون السكاكين والسواطير، وعندها ادرك الخروف الأسترالي ان الجماعة عازمون على ذبحه بدون بنج، فقرر الانتحار وقفز من البلكونة ارضا، وخلال ثوان كانت شلة العزاب قد وصلت الأرض ركضا عبر السلم، واكتشفوا ان بواب العمارة نجا بأعجوبة لأنه تحرك من كرسيه فهوى الخروف عليه وحوله الى فتافيت، وصاح احد العزاب: يا جماعة نحاول “نحلل” الخروف، وصاح فيهم البواب تحللوه إزاي وكل قطعة منه “في بلد”.. احسن تخللوه
كل عام وأنتم وعائلاتكم وبنات وبني وطنكم بخير وعافية وسرور وحبور في انتظار “العبور”، وإذا لم تكن ممن سيضحون بكبش، فعزاؤك ان اللحوم تسبب النقرس الذي يسمى مرض الملوك وانت أصلا غير مؤهل حتى عشان “تلوك في جاه الملوك”