#البرهان وتقسيم السودان …
ليكن شعارنا ضد عنصرية العسكر ( كل البلد سودان )
كتب: ذوالنون سليمان
.
ما الذي يجعل شخص مثل الفريق أول عبد الفتاح البرهان ، بكل صفاته الوظيفية المهيبة للتفوه بما يناقض مسؤلياته وواجباته كقائد عام للجيش السوداني ورئيس لمجلس السيادة !
ما الذي استجد في الساحة السياسية ليجعل صاحب المنصب الأول في الدولة والقوات المسلحة ، بكل تقاليدها ومبدئية قوميتها واشتراطات نأيها عن القبيلية والمناطقية ، للاحتماء بالعشيرة والجهة وإسقاط كل بنود الوثيقة الدستورية وقانون القوات المسلحة المتعلقة بالقومية والوحدة والمواطنة والسلم الاجتماعي والمساواة وكل القيم الاخري المكونة لكيان الدولة !
حديث البرهان بكل ما فيه من استعلاء وازدراء يتوافق مع موروثه ، ولا يتناقض مع سلوك وأدبيات نظام البشير المنهار ومنظومة الامتيازات التاريخية وشركائهم الذين احتكروا موارد الدولة عبر توظيف الدين والعرق من أجل تحقيق مكاسبهم الذاتية ، فالجنرال البرهان واحد من أهم حراس امتيازات النادي القديم بحكم مهنيته في الجندية سابقًا وموقعه في السلطة حاليًا ، ومحاولته الخاسرة البائسة الهادفة لتجييش مجتمع الشمال وتعبئته بترهات العنصرية و الكراهية يتسق مع ماضيه الدموي القديم ومعاركه الحديثة ضد الشعب السوداني ، ما يثير القلق هو تسويقه لهذا الخطاب من منصة موقعه السلطوي وتحميل فشله في إدارة سلطته الانقلابية للتباين الاجتماعي ، وتصويره للأزمة السياسية السودانية كصراع جهوي بين جغرافيتين متباينتين ،واستعطافه لمكونه الاجتماعي لتوريطه في صراعات الهوية السرابي عبر أستدعاء مخاوفهم من تنامي نفوذ المجموعات المسلحة خارج المنظومة الجغرافية و التاريخية لجهاز الدولة .
خطاب البرهان يضعنا أمام تحدي وطني جديد يتجاوز عملية الانتقال والتحول الديمقراطي إلي المحافظة علي الدولة واستقرارها ، وتجنيبها حروب الجنرالات الاهلية المصنوعة للمحافظة علي مصالحهم والهروب من جرائمهم.
مخاطبة البرهان لمواطني نهر النيل اتت متزامنة مع معايدة قائد قوات الدعم السريع ورؤساء الحركات المسلحة مع قواتهم وتكرار ذات الرسائل السياسية بصيغ مختلفة يجعلنا نوقن بان القوي العسكرية الحاكمة تقايض أستقرار البلاد باستمرارية سيطرتها علي الحكم، يساعدها في ذلك انتشار ثقافة عسكرة المجتمعات وسيادة مفاهيم امتيازات قوة السلاح لدي العامة ، وأهمية التضامن الاثني وفق علاقات الدم في ظل تراجع دور الدولة الخدمية لصالح مؤسسة الإدارة الأهلية .
هذه المساومة اللاخلاقيه من القوي الانقلابية وشركائهم تحتم علي القوي السياسية تجاوز جميع الخلافات والتوحد أمام برنامج عمل وطني بمهام محددة ،ليس فقط لاستعادة المسار الانتقالي بل لإنقاذ الوطن من مهددات الانقسام والحروب الاهلية وسيناريوهات صناعة الفوضي والتي تعتبر البيئة المثالية للعسكر وشركاءهم لازدهار مشاريعهم الريعية .
أحادية نظام الإنقاذ الوطني بكل سوءاته الوطنية وحد القوي السياسية السودانية بمختلف مشاربها وبكل خلافاتها واختلافاتها حول مشروع سياسي واحد يستهدف إعادة الديمقراطية والحكم المدني وذلك بعد إنقلاب الجبهة الإسلامية في 1989/06/30، الان هنالك احتياج سياسي حقيقي لتحالف مدني واسع لإنقاذ وحدة الوطن من براثن المكون العسكري وشركاءهم ، نحتاج لمشروع يناهض مشاريع السودان الشمالي والشرقي والدارفوري والدمازيني والكردفاني التي بدأت ملامحها تتبلور وتحت رعاية وإشراف السلطة التي تحولت من سلطة انتقالية لسلطة تقسيمية .. نحتاج لمبادرة وطنية مقاومةلمخططات التجزئة تحت شعار كل البلد السودان كبداية جديدة لتأسيس الدولة السودانية الديمقراطية .