وحدة وديمقراطية واستقلالية العمل النقابي

0 61

.

1. بينما يمارس الصحفيون حقهم المشروع في ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي بانتزاع نقابتهم المستمدة من قواعدهم ، عبثا تحاول عناصر النظام المدحور تعطيل هذا الحق المشروع ، بدءا من الهجوم علي الجمعية العمومية للصحفيين الذي تم دحره ، والطعن في اجراءات تكوين النقابة لدي المسجل ، الذي ايده المسجل باعتبارها غير مشروعة وفقا لقانون نقابة المنشأة 2010 ، علما بأن تاسيس نقابة الصحفيين استند علي المادة (87) من الحقوق المدنية في ميدان حقوق الانسان الذي صادق عليه السودان في مارس 2020. والذي ينص علي حرية التنظيم في النقابات ، وتم اخطار المسجل من اللجنة التمهيدية حيال انعقاد الجمعية العمومية في 23 يوليو 2020.

 بعد ثورة ديسمبر 2018 ، كان  ومازال ملحا انتزاع النقابات بتحقيق الآتي :

– عقد الجمعيات العمومية لانتخاب لجان التسير من أجل استرداد النقابات .

– الغاء قانون النقابات 2010 ” المنشأة” ، وتكوين نقابة الفئة، والغاء قانون الاتحادات المهنية 2004 .

 – سحب الثقة من نقابات المنشأة ، واعتماد لجان التسيير علي أساس الفئة ، واستلام الأصول .

 و يصبح المطلوب حاليا رغم الانقلاب الدموي في 25 أكتوبر ، وتراجع” قوى الحرية والتغيير” في اجازة القانون الموحد لنقابة الفئة ، وتدخل لجنة التمكين في لجان التسيير ، مواصلة عقد الجمعيات العمومية وتطوير لجان التسيير ، وتكوين اللجان التمهيدية ، والسير قدما لانتزاع النقابات .

2 . فمع النهوض الحالي لحركة العاملين بأجر من أجل تحسين اوضاعهم الاقتصادية والمعيشية والمهنية ، وتحسين بيئة العمل وتوجههم لانتزاع تنظيماتهم النقابية ، اصبح ملحا استلهام تجارب الحركة النقابية السودانية الغنية والمتنوعة في النضال من أجل وحدة وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، باعتبار ذلك الضمان لتحقيق مطالبها وأهدافها.

 فمنذ العام 1946 بدأت الحركة النقابية السودانية في التوجه لتكوين نقابة عمال السكة الحديد التي بدأت ارهاصات تكوينها بقيام نادي العمال وقبله نادي خريجي المدارس الصناعية ، وبنهوض العمال وتكوين “هيئة شؤون العمال”، واضرابهم من أجل انتزاع النقابة ، وتكوين النقابات في الخرطوم بحري “الوابورات والمخازن والمهمات والنقل الميكانيكي.الخ”. واصرت علي تكوين تقابتها المستقلة المستمدة من الجمعيات العمومية للعاملين ، وعارضت تدخل الإدارة البريطانية واهدافها لتفتيت وحدتها بمحاولة تكوين صيغة “لجان العمل” التي تفتت وحدة العمال وتفرغ نضالهم ومطالبهم من محتواه ، والتي اقترحتها الإدارة البريطانية ، وقُدم  البديل ” النقابة”.

كما تم تكوين مؤتمر العمال في فبراير 1948 في عطبرة ، وتكوين “اتحاد العمال 1950 “.

  وكانت اضرابات “هيئة شؤون العمال” حتى تمّ انتزاع قانون نقابات ” العمل والعمال لسنة 1948 ” الذي اعترف بتكوين النقابات. ، نلاحظ هنا أن تكوين النقابة استمد شرعيته من جماهير العاملين، وليس من السلطة ، و كان سابقا لقانون 1948، وبعد ذلك تكونت النقابات والاتحادات للمعلمين ،العمال ،الطلاب ، المزارعين ، الموظفين ، البياطرة ، الزراعيين ، الاطباء ،المهنيين ، والصحفيين. الخ .

3 . كما ربطت الحركة النقابية مطالبها بالقضايا السياسية والوطنية العامة ، ولعبت الحركة النقابية دورا كبيرا في الاستقلال واسقاط الأنظمة الديكتاتورية وقوانينها النقابية التي حاولت أن تكبل بها الحركة النقابية مثل:

 – قانون 1960 أيان ديكتاتورية عبود  حنى تم اسقاطه بعد ثورة اكتوبر 1964. وكان من منجزات ثورة أكتوبر 1964 الغاء قانون 1960 ، وأعيد العمل بقانون 1948 متضمنا تعديل المادة (30) التي اصبحت تعطي الحق لكل نقابتين أن تكون اتحادا ، وتسجل اتحاد العمال وفقا لهذا المادة.

– قوانين ديكتاتورية مايو التي صادرت حرية العمل النقابي مثل: قانون 1971 ، وقانون 1972، وقانون 1977، حنى تم اسقاطها بعد انتفاضة أبريل 1985، وتم انتزاع قانون 1987 الذي شارك فيه النقابيون.

  – بعد انقلاب الانقاذ في يونيو 1989 قاوم العاملون والتقابيون مصادرة حرية العمل النقابي وجعل عقوبة الاضراب في الأيام الأولي الإعدام !!، كما في قوانين 1992، وتكوين نقابة المنشأة 2010 لاضعاف العمل النقابي ، واستمرت المقاومة حتى قيام ثورة ديسمبر التي اسقطت رأس النظام ، وما زال النضال مستمرا  من أجل الغاء قانون نقابة المنشأة وكل القوانين المقيدة للحريات التي تتعارض مع حقوق الانسان و المواثيق الدولية، ومن أجل إجازة القانون الموحد لنقابة الفئة  الذي يؤكد وحدة و ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية..

4 . منذ لحظة التكوين النقابي في اربعينيات القرن الماضي ، ترسخت وحدة ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ، بالاصرار علي اشراك قواعد النقابات والجمعيات العمومية في اتخاذ القرار ، وتكوين النقابات من القواعد الي القمة.

كما استمر نضال العاملين والنقابيين ضد قانون 1948 الذي لم ينص علي حق الاضراب ، وتعيين الحاكم العام لمسجل النقابات ، وطالب بأن يكون مسجل النقابات من الهيئة القضائية ، إضافة الي أنه لم يعترف باتحاد العمال.

 في 21 مارس 1949 اعترفت الحكومة ب “مؤتمر العمال” وتقرر التفاوض مع الحكومة ، وتمّ تعديل المادة (7 ش) ، وكان التعديل يقضى بأن يكون مسجل النقابات من قضاة الدرجة الأولي ، تعينه الهيئة القضائية ، وبعد ذلك تمّ تسجبل النقابات ، وكانت نقابة الأطباء أول نقابة يتم تسجيلها.

من ايجابيات قانون 1948 أنه أعطى كل عشرة من العاملين تكوين نقابة، من المفارقات أن الحكومات ما بعد الاستقلال تراجعت عن ذلك !!!، مما يخدم أصحاب العمل من الرأسماليين، ويقيد حق العاملين في التنظيم النقابي والدفاع عن حقوقهم.

 كانت تجربة الحركة النقابية السودانية عميقة في انتزاع ديمقراطية واستقلالية وحرية العمل النقابي ، وحق الاضراب ، وكانت سابقة للمواثيق الدولية حول العمل النقابي التي جاءت لتعزز تجربة الحركة النقابية السودانية مثل:

– الاتفاقية رقم (87) لسنة 1948.

 – الاتفاق رقم (98) لسنة 1949.

– الاتفاقية العربية رقم (8) لعام 1977 بشأن الحريات النقابية، والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أجازتها الأمم المتحدة في ديسمبر 1966.

 أكدت هذه الوثائق علي الحريات النقابية وعدم تدخل الدولة فيها وحق التنظيم وتكوين النقابات والاتحادات ، والمفاوضات الجماعية، والحريات والحقوق النقابية ، وحق الاضراب.الخ.

5 . نتيجة لتراكم التجربة السودانية في العمل النقابي ، تم التوصل الي شعار “لكل حزبه والنقابة للجميع”، باعتبار أن النقابة جبهة واسعة تدافع  عن مصالح العاملين غض النظر عن منطلقاتهم الفكرية أو السياسية أو الدينية، فهي ليست منبرا حزبيا أو تابعة للدولة ، وتتخذ قراراتها بأغلبية عضويتها ، مع ارتباط القاعدة بالقيادة بممارسة الديمقراطية داخل النقابة باصدار النشرات وعقد الجمعيات العمومية والندوات والمؤتمرات ومجالس الإدارات . الخ ..

وأخيرا ، الصراع من أجل الحقوق السياسية والنقابية ، لا ينفصل عن مواصلة المقاومة لاسقاط الانقلاب الراهن الذي يتجه لإعادة النظام الشمولي البائد  المعادي للحقوق السياسية النقابية الذي دحره شعبنا ، ويواصل نضاله من أجل التفكيك الكامل له ، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطية الذي يكفل الحقوق السياسية والنقابية ، ويتم فيه الغاء القوانين المقيدة للحريات السياسية والنقابية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.