عايز تغيير جذري اكرب قاشك!

0 69
كتبت: رشا عوض
.
ورجغة كثييييرة ولكن حتى الان لم يجب الجذريون على السؤال المحوري: كيف تتبنى تغييرا جذريا لنظام مدجج بالسلاح والمليشيات وانت نبلة ما عندك؟
اشطر جذري قال نظام البشير سقط من غير ما يكون عندنا سلاح!
وينسى او يتناسى هذا الشاطر ان اقتلاع البشير من القصر الجمهوري ووضعه في سجن كوبر تم بواسطة اللجنة الأمنية وباتفاق بين الجيش والدعم السريع
والجماهير الثائرة في كل مدن السودان اعتصمت أمام القيادة العامة للجيش ادراكا منها لبداهة ان اقتلاع الدكتاتور يحتاج لقوة مادية قادرة على ازاحته من موقع اصدار الأوامر للقوات المسلحة!
في سوريا قارب عدد الشهداء في أقل التقديرات ٢٠٠ الف وتشرد سبعة ملايين غير الجرحى والمفقودين وما زال بشار الأسد حاكما لان الجيش السوري لم يقرر الاطاحة به! والقوى المسلحة التي حاربت النظام فشلت في هزيمته عسكريا، ثم دخلت روسيا على الخط ورجحت كفة ميزان القوة لصالحه!
الشاهد في الموضوع ان مجرد خروج الناس للشوارع سلما او حتى حربا لا يضمن الاطاحة بنظام الحكم الا بأحد شرطين: قرار الجيش الانحياز للشعب او هزيمة الجيش عسكريا في حالة الانتفاضة المسلحة.
يعني الاستشهاد على انتفاء الحاجة للذراع العسكري بسقوط البشير فقدان للمنطق بصورة مريعة
طبعا انا لا اريد ان اخلص إلى استحالة التغيير في السودان لأنني منذ أن وعيت على الدنيا وانا في ضفة التغيير وبناء سودان ديمقراطي بمشروع سياسي اعمدته الحرية والتنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية يعني باختصار استبطن مشروعا للتغيير الجذري، ولكن حتى يتحقق هذا المشروع في المستقبل، لا بد أن نحسن قراءة معطيات اللحظة التاريخية الراهنة ونرتب اولوياتها بذكاء ونديرها بحكمة، وأن لا نتورط في خطابات تبسيطية لواقع معقد وان لا نطلق العنان للتفكير الرغائبي والرومانسيات السياسية.
الصراع في السودان الان ليس بين دعاة الهبوط الناعم والتغيير الجذري!
والحقيقة العارية هي ان دعاة الهبوط الناعم لا يمتلكون ادواته، ودعاة التغيير الجذري لا يمتلكون ادواته!
لا شيء بالمجان في العمل السياسي!
بدلا من العراك حول نوعين من التغيير ونحن فقراء فقرا مدقعا في ادواتهما معا، يجب أن نتواضع ونتواطأ على تقوية الاصطفاف المدني الديمقراطي والاستثمار في مصادر القوة ومنابع القدرة الفكرية والسياسية والاعلامية والاقتصادية والدبلوماسية حتى نكون قادرين فعلا على أحداث اي تغيير ان شاء الله هبوط ناعم!
لكن ما ممكن نكون عمليا عاجزين حتى عن فرض الهبوط الناعم بدليل أننا الان تحت وطأة الانقلاب، ونتهرب من هذه الفضيحة بأننا في معركة ضارية بين الهبوط الناعم والتغيير الجذري ونحن كووولنا من الناحية العسكرية نبلة ما عندنا، واعلاميا فضائية محترمة ما عندنا ومعتمدين في تغطية اخبار وقضايا التغيير على فضائيات مملوكة لمحاور ضد التغيير!
واقتصاديا ما عندنا التكتح!
وسيظل كذلك إلى حين بناء جبهة مدنية قوية للتحول الديمقراطي بعد ان ندرك ان الانقسام الاستراتيجي في الساحة السياسية السودانية الان هو بين دعاة التحول الديمقراطي ودعاة الخيار الانقلابي سواء انقلاب البرهان حميدتي او انقلاب الكيزان الزاحف.
واقصى درجات التغيير الجذري في هذه اللحظة التاريخية هي التحول الديمقراطي الذي يضعنا في طريق القابلية للتغيير باتجاه أهداف الثورة من حرية وسلام وعدالة، والطريق الامن إلى هناك من وجهة نظري هو تسوية تاريخية تضبط بوصلة البلاد باتجاه تغيير مستدام عبر إصلاحات هيكلية للقطاع الأمني والعسكري والخدمة المدنية والمنظومة العدلية ، وعملية جادة ومهنية للعدالة الانتقالية وتهيئة الملعب لانتخابات حرة نزيهة كوسيلة وحيدة لحيازة السلطة ، وكل ذلك سيتم بالتدريج الذي ترتفع وتيرته تبعا لقوة وتماسك وتنظيم ومثابرة الفاعلين في جبهة التحول الديمقراطي.
ما عاجبك التغيير المتدرج ودروب التفاوض والتسوية السياسية التاريخية وعايز تغيير جذري ضربة لازب وعايز تقلب الطاولة رأسا على عقب امشي افتح معسكرات التدريب لجيشك الأحمر واستعد للعنف الثوري واكرب قاشك كويييس وتعال داوس الجيش والدعم السريع وكل المليشيات وكتائب الظل وارسلها إلى مزبلة التاريخ.
لكن حكاية الكلام عن التغيير الجذري بالمجان ومواجهة اي تساؤلات حول الياته ووسائله بالغوغائية والمزايدات دا تهريج غير لائق.
أما تقسيم قوى الثورة ودق اسفين بين مكوناتها على اساس هبوط ناعم وتغيير جذري فهذا خط كيزاني بامتياز لاضعاف المقاومة المدنية للانقلاب وتعطيل اي عمل مشترك بينها إلى حين اكتمال انقلاب الكيزان!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.