السودان والحل الواقعي
كتبت: ليلى بن هدنة
من المشجع طرح عدد من الأطراف السودانية أخيراً مقترحات موضوعية لإنهاء الانسداد، وبحث سبل التوافق قصد التوصل إلى تسوية سياسية، حيث إن الجميع بدأوا يستشعرون المخاطر التي تحيط بالسودان، واقتنعوا بضرورة تقديم تنازلات مشتركة لمصلحة البلاد، لكن من الضروري توحيد كل المبادرات المطروحة في الساحة السودانية، وصولاً إلى ميثاق سياسي ووثيقة للإعلان الدستوري، ثم تنظيم الانتخابات، أما كثرة المبادرات فإنها ستؤدي إلى تغييب الحلول وتزيد من الانقسامات.
ولا شك أن التوافق السياسي درع حصين وقاعدة متينة لنجاح الانتقال الديمقراطي، ويحتاج إلى عقل سياسي استراتيجي منضبط، ويحتاج أيضاً إلى انخراط الجميع في العملية السياسية بروح بناءة، لإخراج البلاد من النفق المظلم من أجل تطبيع علاقات السودان مع محيطيه الإقليمي والدولي.
والجميع على قناعة تامة أنه كلما طالت فترة الشلل السياسي، زادت صعوبة العودة إلى الانتقال السياسي. ومن الضروري الاتفاق حول قواسم مشتركة يمكن أن تشكل مفرداتها منصات انطلاق قابلة للتطور نحو حل سياسي ناضج يحتكم للعقلانية ومراعاة المصالح والبعد عن العواطف، حيث إنه عندما يتم الاتفاق بين الأطراف المدنية على تشكيل حكومة انتقالية، من المؤكد أن الجيش سيفي بالتزامه المعلن بالانسحاب من المشهد السياسي، وحين تأتي الانتخابات لكل حدث حديث.
وغني عن القول إن اللجوء إلى الحوار الجاد هو الخيار السياسي الأفضل لبسط حل سياسي مستدام، للانتقال الديمقراطي في البلاد، وقبل المطالبة بالتغيير والدولة المدنية والحياة الديمقراطية والرعاية الاجتماعية، من الضروري تكريس الواقعية في الطرح السياسي التي تعود بالنفع على التحول الديمقراطي بالسودان بما يساهم في إخراج البلاد من الأزمة الراهنة وإعادة تأسيس سلطة الدولة في جميع أنحاء البلاد، وتهيئة الظروف لاستئناف الدعم المالي الدولي، بما في ذلك تخفيف عبء الديون.