التغطية على الأفهام مستمرة

0 56

 كتب: عثمان ميرغني

.

الآلية الثلاثية قالت: إن الأطراف السودانية “ويقصد بها هنا الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكوِّن العسكري” طلباً منها تيسير عملية سياسية جديدة بعد توافقهما على مسودة  دستور نقابة المحامين منصةً للحوار المفتوح مع بقية الأطراف.
وعليه بدأت الآلية لقاءات ثنائية مع بعض المكوِّنات السياسية السودانية -كل على حدة- لبناء التوافق حول مسودة دستور نقابة المحامين ثم البدء في تشكيل مجلسي السيادة والوزراء والمجلس التشريعي وبقية المؤسسات الانتقالية.
الذي فات على الجميع سؤال مهم للغاية.. إلى أن تكتمل هذه العملية السياسية.. من توافق على الدستور ثم المؤسسات ثم تشكيلها، من يحكم البلاد خلال هذه الفترة؟ التي قد تكون ساعة إذا كانت الأطراف تملك خاتم سليمان أو ستة أشهر في أحسن الظروف أن تعذَّر الحصول على نسخة مزوَّرة من خاتم سليمان.
خلال هذه الفترة من يحكم السودان؟
نعم السؤال غبي، لكنه مهم لفهم خطأ نعيد ارتكابه.
غباء السؤال في كون أن حكم السودان  تحت “القيادة العسكرية” حالياً، وتعبير “القيادة العسكرية” استلفتُه من المقال الذي كتبته الآلية الثلاثية أمس الأول.
من الواضح أن الطرفين، الحرية والتغيير والمكوِّن العسكري اتفقا على مبدأ (يبقى الحال على ماهو عليه) أي استمرار الوضع لحين إكمال العملية السياسية التي تيسِّرها الآلية الثلاثية، وبعدها تنشأ  حكومة جديدة مدنية في مجلسي السيادة والوزراء.
معنى ذلك عملياً أن المكوِّن المدني الذي تمثله الحرية والتغيير اعترف بـ”القيادة العسكرية” الحاكمة حالياً، إلى حين تسليم السلطة إلى ناتج العملية السياسية.
فيطفر السؤال الحتمي.. عندما أعلن المكوِّن العسكري التزامه بالخروج من الحكم والعمل السياسي في بيان الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 4 يوليو 2022م، ألم يكن حكيماً أن تستلم المكوِّنات المدنية الحكم أولاً وتُخِرج المكوِّن العسكري من السلطة ثم تكمل شوط المشاورات المطلوبة للتوافق بينها؟
طبعاً أتوقع أن يرد أحدهم، لكننا لا نثق في المكوِّن العسكري، وهنا يطفر سؤال جديد، وما الذي استجد لتثق في المكوِّن العسكري؟
العملية السياسية التي أعلنت عنها الثلاثية مبنية على موافقة المكوِّن العسكري على دستور نقابة المحامين، فما هو الجديد الذي يجعل المكوِّن العسكري الآن موثوقاً فيه وفي موافقته والتزامه بالعملية السياسية؟
أليس من المحتمل أن يشتري بها المكوِّن العسكري  مزيداً من الوقت فينخرط فيها على أمل تعويقها بعد استنزاف أكبر وقت ممكن، بل قد يمطها لأكثر من سنة كاملة؟
هذه الأسئلة ضرورة لإثبات أن مسلسل الأخطاء منذ انتصار الثورة لا يزال ساري المفعول، لأن العقلية السياسية لم تتغيَّر، ولأن صناعة القرار لا تزال معطوبة في  بعض جوانبها المهمة.
حسناً، وإلى حين تشكيل حكومة مدنية بعد استكمال التوافق بين المكوِّنات المدنية في سياق العملية السياسية التي تيسِّرها الآلية الثلاثية، من يتحكَّم في قرارات السلطة العسكرية الحاكمة؟ أليس من المحتمل أن تستثمر هذا الوقت الإضافي في تشكيل واقع جديد طالما تحظى -حالياً- باعتراف رسمي من المكوِّن المدني أنها سلطة شرعية إلى حين تسليم الحكم؟
وما الحل؟ كيف نعالج هذا الوضع الجديد؟
سأشرح لكم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.