التسوية في السودان: إلا إذا كانت للحرية والتغيير طريقة خاصة في تقليم أظافر الانقلابيين (1-2)
كتب: د. عبد الله علي إبراهيم
.
الأخبار عن التسوية بين قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وحلفائها والعسكريين غير مبشرة. سئل معاوية البرير، سكرتير حزب الأمة الغالب في المجلس المركزي، يوم 24 الجاري عنها فقال إنهم التقوا قبل يومين مع المكون العسكري ولا جديد في التفاهمات معه. أما ما جاء على لسان ياسر عرمان، رئيس الحركة الشعبية (التيار الديمقراطي) وعضو مركزية المجلس المركزي، فقريب من القطيعة. فاشترط يوم الأربعاء الماضي ألا توقع الحرية والتغيير على التسوية قبل إطلاق سراح المعتقلين من صف الثورة، ووقف العنف تجاه الاحتجاجات المناهضة للحكم العسكري. وقال بأن أجواء الانتهاكات بحق رفاقه وشباب الثورة لا تساعد على التعاون من أجل حل سياسي. بل وصف توقيعهم على التسوية في مثل هذه الأجواء بالمعيب.
لابد أن ثمة علة جوهرية في تسوية خرج طرف منها بهذا النذير ولم يجف مداد إعلانها على الملأ قبل أيام. والعلة ليست في التسوية من حيث هي كما في نظر كثير من رفاق المركزي. فالتسوية واردة في سياق كل صراع. ولكن تحرص الأطراف في الصراع مثل المركزي، وقد خسر كل أراضيه في الدولة بانقلاب أكتوبر 2021، أن تأتيها وقد استردت بعض قوتها لتفاوض معززة بها. وعليه فعلة التسوية في خروج المركزي لها في حين لم يستعد خسائره فحسب، بل زاد أيضاً ضعفاً على ضعف كما سنرى.
جاء على لسان ياسر نفسه عرض للتسوية في مؤتمر صحفي عقده المركزي في 16 نوفمبر فقال إنها ستنفذ على مرحلتين. فالمرحلة الأولى هي التراضي عند إطار مبادئ لإنهاء الانقلاب وقيام حكومة مدنية. أما المرحلة الثانية فهي لتطوير الاتفاق في سياسات للتنفيذ.
وجاء على رأس المبادئ في الاتفاق الإطاري تكوين جيش مهني بعيد عن السياسة يمتنع عن الاستثمار الاقتصادي في غير الصناعة الحربية وتحت إشراف وزارة المالية. ومنها إصلاح الشرطة والمخابرات علاوة على استقلالية الأجهزة العدلية. وشملت هذه المبادئ أيضاً إصلاح الاقتصاد ووقف تدهوره الذي يعاني السودانيون منه بإطلاق عملية شاملة للغاية. كما اتفقت الأطراف على مبدأ العدالة والعدالة الانتقالية. وستقوم بمقتضى التسوية حكومة مدنية ومجلس تشريعي ومجلس وزراء مدني لاستكمال الفترة الانتقالية.
ونواصل