ذكرى انطلاقة الثورة والتصعيد لاسقاط الانقلاب

0 69
كتب: تاج السر عثمان بابو 
.

1. تمر في شهر ديسمبر القادم الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر التي كانت ثورة ديمقراطية عميقة الجذور التي سوف نستمر مع تصعيد النضال الجماهيري لاسقاط الانقلاب ، لم تكن الثورة حدثا عفويا ، بل كانت تحولا نوعيا لتراكم كمي طويل من المقاومة الباسلة لشعب السودان ضد نظام الانقاذ الفاشي الدموي لحوالي 30 عاما التي عبرت عنها الهبات والاضرابات والمظاهرات ، والاعتصامات التي واجهها النظام باطلاق الرصاص الحي مما أدي إلي مئات الشهداء كما حدث وسط الطلاب وأبناء البجا وكجبار والمناصير وهبة سبتمبر 2013 ويناير 2018م ، وشهداء التعذيب الوحشي في سجون وبيوت أشباح النظام ، والالاف المشردين من أعمالهم والمعتقلين ، وضحايا التعذيب الوحشي في المعتقلات ، والشهداء في حروب الابادة في الجنوب حتى تم انفصاله ، وفي جرائم الابادة الجماعية في دار فور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان ، وثورة ديسمبر التي استشهد فيها المئات من الشباب والكنداكات.

  كل ذلك لم يفت في عضد جماهير شعبنا ، التي ما زالت تواصل نضالها ضد انقلاب 25 أكتوبر ورافضة للتسوية معه لإعادة أنتاج تجربة الشراكة مع المجلس العسكري التي انقلب عيها العسكر بعد سلسلة من الانقلابات ، بدأت بانقلاب 11 أبريل 2019م ، وانقلاب مجزرة فض الاعتصام ، التوقيع على اتفاق جوبا لاجهاض الثورة ، واعتصام “الموز” حتى تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر بدعم خارجي ، ومن  “الفلول” وحركات جوبا التي خانت شعب السودان وجماهير الهامش واصبحت لاهثة وراء الفساد والمحاصصات في السلطة كما تجلي في تحالف جبريل ومناوي مع الاتحادي الإصل والعسكر لدعم واستمرار الانقلاب العسكري ، والقمع الوحشي ، وبيع أراضي البلاد ، ونهب ثروات البلاد والذهب  من قبل شركات الجيش والأمن والدعم السريع والشرطة والرأسمالية الطفيلية الإسلاموية ، والتفريط في السيادة الوطنية.

 زد علي ذلك تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية، جراء انتشار جيوش الحركات المسلحة والجنجويد و”الكيزان”، وعصابات النهب والقتل المسلح ، وانتشار الجرائم الوحشية  مثل  : ما حدث في الجريمة البشعة التي حدثت في  بري شرق الخرطوم ، والاستنكار الواسع للقمع الوحشي بواسطة سلاح “الاوبلن” (استخدام السلاح القاذف المحشو بالحجارة) بواسطة الشرطة المحرم دوليا، مما أدي لاستشهاد ثائرين في مواكب 23 – 24 نوفمبر ، و3 حالات فقد عين حسب بيان المكتب الموحد للآطباء.

 فضلا عن استمرار رفض الشارع للتسوية الذي تجلى في رفض لجان المقاومة دعوة للاجتماع مع المجلس المركزي لحرية والتغيير حول الاتفاق الإطاري المزمع توقيعه بينها والعسكريين ، مما يتطلب مواصلة المقاومة حتى اسقاط الانقلاب.

2 . يواصل العسكر في المراوغة في التسوية لتحقيق أكبر مكاسب والضغط علي الحرية والتغيير المجلس المركزي ، بهدف ايجاد المخرج من المحاكمات علي الجرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية ، ومحاولة تقنين ذلك في الدستور الانتقالي المعد  زورا باسم اللجنة التسييرية لنقابة المحامين ، وقرار البرهان الأخير بتجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لاصحاب العمل ، وتشكيل لجنة برئاسة مسجل تنظيمات العمل لتكوين لجان تسيير النقابات ، وتحديد وحصر ارصدة هذه النقابات داخل وخارج السودان . الخ ،  علما بأن الجمعيات العمومية وحدها هي صاحبة الحق في تكوين نقاباتها ولجان تسييرها، وتدخل السلطة مرفوض من الحركة النقابية السودانية التي منذ تاسيسها حافظت علي ديمقراطيتها واستقلالها بعيد عن السلطة ، كما أن الهدف وقف النشاط النقابي والمطلبي الواسع كما هو جارى في اضرابات المعلمين والتضامن الواسع معهم ، والعاملين في عمارة الذهب في الخرطوم.الخ بهدف تعطيل اسقاط الانقلاب ، اضافة لاستمرار مواكب لجان المقاومة رغم القمع الوحشي لها كما في الإعلان عن مواكب 30 نوفمبر بعنوان “مليونية 30 نوفمبر الطريق الي مليونيات ديسمبر ” والمتوجهة الي البرلمان في أم درمان.

3. أما وزارة المالية فتواصل بيع الوهم مثل  : الحديث عن أنه بعقد التسوية ستتدفق مليارات الدولارات ، وعليه أجلت وزارة المالية تحديد سعر صرف لموزانة العام المالي 2023م لحين الوصول لتسوية سياسية التي بعدها يتوقع دخول مليارات  الدولارات.

  لكن هذا الحديث تدحضة تجربة التسوية في فترة الشراكة علي أساس الوثيقة الدستورية 2019م ، رغم تدفق المساعدات الخارجية ، لكن حدث العكس ، كما  هو الحال في اقتصادنا القائم علي الهبات ، والخضوع لتوصيات الصندوق والبنك الدوليين في  الانخفاض المستمر للجنية السوداني ، ورفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة ، مما أدي لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الاسعار ، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم علي الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي ، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا ، والتي جربناها لأكثر من 40 عاما، وكانت الحصيلة الخراب والفقر ، واضافة الي تدهورالأمن وغياب السلام المستدام ، وعدم اصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات ، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي ، اضافة للتطبيع مع اسرائيل والخضوع للابتزاز بدفع التعويض عن العمل الارهابي بدفع مبلغ 335 مليون دولار عن جريمة ليس مسؤولا عنها شعب السودان . الخ ، وعدم قيام بورصة الذهب لمكافحة التهريب رغم مرور عامين علي حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني.

4 . استمرت ايضا في فترة شراكة الدم  أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق ، والأقوال التي لا تتبعها أفعال ، كما اوضحنا سابقا ، في التراجع عن وثيقة “اعلان الحرية والتغيير” من قبل قوي ” الهبوط الناعم في قوى الحرية والتغيير ، والتوقيع علي “الوثيقة الدستورية” المعيبة مع اللجنة الأمنية ، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها ، وتم خرقها، وزاد الخرق اتساعا بالتوقيع علي اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما يهدد وحدة البلاد.

  واستمر التهاون مع مخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019م ، بعدها تم التوقيع علي “الوثيقة الدستورية” التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوي “الهبوط الناعم ” من قوي الحرية والتغييير ، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وحتى “الوثيقة الدستورية” “المعيبة” لم يتم الالتزام بها ، بل تم الانقلاب عليها ، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها ، بجعل بنوده تعلو عليها ، بهدف اجهاض وتصفية الثورة ، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية ، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات ، فجذوة الثورة مازالت متقدة ، وجذورها عميقة.

 اضافة للتهاون مع مخطط الفلول للانقلاب الكامل علي الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي ، كما في تخريب الاقتصاد ، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان ، ونسف الأمن في المدن ، وتجريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة ، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي – عطبرة ، وطريق بورتسودان . الخ ، باسم كيانات و تجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا ،وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري ، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري ، وحل لجنة التمكين . الخ، وحتى المحاولة الانقلابية  والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر ، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة ، وأحداث الارهاب في جبرة والشرق ، ومواكب الفلول في 16 أكتوبر ، واعتصام القصر التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي ، حتى وقوع الانقلاب العسكري بقيادة البرهان في 25 أكتوبر بهدف تعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي.

5. وأخيرا ، في الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر ، فلنشدد المقاومة للانقلاب العسكري بمختلف الأشكال ، مواكب ، اضرابات ، اعتصامات ، وقفات احتجاجية ، والتحضير لاوسع  مواكب  ونهوض جماهيري في مجالات العمل والأحياء والدراسة ، احتفالا بذكرى الثورة ، ورفضا للتسوية وسيرا حثيثا للتغيير الجذري الذي يضع حدا للانقلابات العسكرية، ويرسخ الديمقراطية والحكم المدني الديمقراطي ، ومواصلة المقاومة حنى الانتقاضة الشعبية الشاملة والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.